ومن أدبرت عنه وتركته في نكبة ومحنة ولا يجد ما يسد به رمقه فهو شقي . الثالث : ما عليه المليون ، أعني : الذين لهم عقيدة راسخة بالمبدأ والمعاد ، والجنة ودرجاتها والنار ودركاتها ، فمن نال الجنة ونعيمها فهو من السعداء ، ومن دخل النار وجحيمها فهو من الأشقياء ، وهذا ما يشير إليه قوله سبحانه : * ( فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق * خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لما يريد * وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ ) * [1] . فمن دخل الجنة ، فهو السعيد ، وإن كان في الدنيا رهين الفقر والفاقة ، ومن دخل الجحيم ، فهو شقي ، وإن كان في الدنيا حليف العيش الرغيد . إذا وقفت على هذه المعاني الثلاثة للسعادة والشقاء ، فاعلم أن المراد منهما في هذا المقام هو المعنى الثالث لخروج الأولين عما يرتئيه الحكيم أو المتكلم في ذلك المقام ، ولا وجه لجعل السعادة والشقاء بالمعنى الثالث من الذاتيات غير المعللة كما