وربما ينسبق إلى الذهن بأن الذاتي لا يحتاج إلى علة موجدة وهو خطأ محض ، لأن الذاتي أمر ممكن ، والممكن لا يتحقق إلا بعلة محدثة ، فالذاتي بحاجة ماسة إلى العلة في وجوده وتحققه ، لأن نسبة الوجود إلى موضوع لا يخلو عن حالات ثلاث : إما أن يكون وصفه به واجبا ، أو ممكنا ، أو ممتنعا والأمر دائر بين الثلاثة والحصر فيه عقلي ، فإن كانت النسبة على النحو الأول والثالث وقلنا باستقلال الامتناع في الجهة ولم نقل برجوعه إلى جانب الوجوب ، على ما هو المبين في محله كان مستغنيا عن العلة والجعل ، لأن وجوب الوجوب أو وجوب العدم مناط الاستغناء عن الجعل والعلة ، كما أن الثاني هو مناط الاحتياج ، إذ المفروض أن الممكن برزخ بينهما يصح أن يوصف به وأن لا يوصف ، وما هو كذلك لا يوصف إلا مع العلة . وعلى ذلك فإذا قلنا : الأربعة موجودة ، فنسبة الوجود إليها يكون من قبيل الثاني ، فهي في حد الاستواء لا يخرج عنه إلا بسبب يضفي عليه وجوب الوجود ، أو وجوب العدم ، وإن كان يكفي في عدمه عدم العلة ، ولكنه بعد تحقق الأربعة في الخارج ينتزع الزوجية من دون حاجة إلى سبب آخر ، بل سبب وجود الأربعة كاف في انتزاعها عنه ، لأن المفروض أنها لا تفارقها في