لنا أن نستخلص منه دلالته على أنه شعر قد انفرد بخصائصه عن كل شعر جاء بعده من شعر أهل الاسلام . فإذا صح ذلك - وهو عندي صحيح لا أشك فيه - وجب أن ندرس هذا الشعر دراسة متعمقة ملتمسين فيه هذه القدرة البيانة التي يمتاز بها أهل الجاهلية عمن جاء بعدهم ، ومستنبطين من ضروب البيان المختلفة التي أطاقتها قوى لغتهم وألسنتهم . فإذا تم لنا ذلك فمن الممكن القريب يومئذ أن نتلمس في القرآن الذي أعجزهم بيانه خصائص هذا البيان المفارق لبيان البشر [1] . وذهب السيد الطباطبائي إلى أن القرآن الكريم بصفته معجزة خالدة هو معجز في المعنى كما هو معجز في المبنى ، قال في تفسير الآية : ( قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ) : وفي الآية تحد ظاهر ، وهي ظاهرة في أن التحدي بجميع ما للقرآن من صفات الكمال الراجعة إلى لفظه ومعناه لا بفصاحته وبلاغته وحدها ، فان انضمام غير أهل اللسان إليهم لا ينفع في معارضة البلاغة شيئا ، وقد اعتنت الآية باجتماع الثقلين وإعانة بعضهم لبعض . على أن الآية ظاهرة في دوام التحدي ، وقد انقرضت العرب العرباء أعلام الفصاحة والبلاغة اليوم فلا أثر منهم ، والقرآن باق على اعجازه متحد بنفسه كما كان [2] . وخلاصة ما انتهى اليه مالك بن نبي في دراسته هي : 1 - ان النبوة ظاهرة دينية مستمرة تتكرر بانتظام منذ أول نبي بعث إلى البشر حتى خاتمهم نبينا محمد ( ص ) . واستمرار ظاهرة تتكرر بنفس الكيفية يعتبر شاهدا علميا يمكن استخدامه لتقرير