نام کتاب : المسائل العشر في الغيبة نویسنده : الشيخ المفيد جلد : 1 صفحه : 85
وكان من أمر يونس نبي الله عليه السلام مع قومه وفراره عنهم عند تطاوله المدة في خلافهم عليه واستخفافهم بحقوقه ، وغيبته عنهم لذلك عن كل أحد من الناس حتى لم يعلم بشر من الخلق مستقره ومكانه إلا الله تعالى ، إذ كان المتولي لحبسه في جوف الحوت في قرار بحر ، وقد أمسك عليه رمقه حتى بقي حيا ، ثم أخرجه من ذلك إلى تحت شجرة من يقطين ، بحيث لم يكن له معرفة بذلك المكان من الأرض ولم يخطر له ببال سكناه . وهذا أيضا خارج عن عادتنا [1] وبعيد من تعارفنا ، وقد نطق به القرآن [2] وأجمع عليه أهل الإسلام وغيرهم من أهل الملل والأديان . وأمر أصحاب الكهف نظير لما ذكرناه ، وقد نزل القرآن بخبرهم وشرح أمرهم [3] : في فرارهم بدينهم من قومهم وحصولهم في كهف ناء عن بلدهم ، فأماتهم الله فيه وبقي كلبهم باسطا ذراعيه بالوصيد ، ودبر أمرهم في بقاء أجسامهم على حال أجساد الحيوان لا يلحقها بالموت تغير [4] ، فكان [5] يقلبهم ذات اليمين وذات شمال كالحي الذي يتقلب [6] في منامه بالطبع والاختيار ، ويقيهم حر الشمس التي تغير الألوان ، والرياح التي تمزق الأجساد فبقوا على ذلك ثلاث مائة سنة وتسع سنين على ما جاء به الذكر الحكيم .