وجاء في كتاب المأمون العباسي الذي أرسله إلى العباسيين - بعد ما ذكر حسن سياسة أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) مع ولد العباس - قال : حتى قضى الله بالأمر إلينا ، فأخفناهم ، وضيَّقنا عليهم ، وقتلناهم أكثر من قتل بني أمية إياهم ، وَيْحَكُمْ ، إن بني أميَّة قتلوا من سلَّ سيفاً ، وإنّا معشر بني العباس قتلناهم جُملا . . . وقال الجلودي الذي أمره الرشيد بالإغارة على دور آل أبي طالب عندما جعل المأمون ولاية العهد للرضا صلوات الله عليه : أُعيذك بالله - يا أمير المؤمنين - أن تُخرج هذا الأمر الذي جعله الله لكم ، وخصَّكم به ، وتجعله في أيدي أعدائكم ، ومن كان آباؤك يقتلونهم ، ويشرِّدونهم في البلاد ( 1 ) ، وأمر الرشيد عامله على المدينة بأن يضمن العلويين بعضهم بعضاً ( 2 ) . وروى الشيخ الصدوق عليه الرحمة ، قال : قال أبو منصور المطرز : سمعت الحاكم أبا أحمد محمد بن محمد بن إسحاق الأنماطي النيسابوري يقول بإسناد متّصل ذكره محمد ، إنه لمَّا بنى المنصور الأبنية ببغداد جعل يطلب العلويّة طلباً شديداً ، ويجعل من ظفر به منهم في الأسطوانات المجوَّفة المبنيَّة من الجصّ والآجر ، فظفر ذات يوم بغلام منهم حسن الوجه ، عليه شعر أسود ، من ولد الحسن بن علي ابن أبي طالب ( عليه السلام ) ، فسلَّمه إلى البنَّاء الذي كان يبني له ، وأمره أن يجعله في جوف أسطوانة ويبني عليه ، ووكلَّ به من ثقاته من يُراعي ذلك ، حتى يجعله في جوف أسطوانة بمشهده ، فجعله البنَّاء في جوف أسطوانة ، فدخلته رقّة عليه ورحمة له ، فترك في الأسطوانة فرجة يدخل منها الروح ( 3 ) ، وقال للغلام : لا بأس عليك ، فاصبر ، فإني سأخرجك من جوف هذه الأسطوانة إذا جنَّ الليل .
1 - عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) ، الصدوق : 1 / 171 . 2 - حياة الإمام الرضا ( عليه السلام ) ، السيد جعفر مرتضى العاملي : 100 ، تاريخ ابن خلدون : 3 / 215 . 3 - الروح : نسيم الريح .