وفي رواية الشيباني قال : إنَّ الحجاج أمر بيحيى بن يعمر ذات يوم فأدخل عليه ، وهمَّ بقتله ، فقال له : لتقرأن عليَّ آية من كتاب الله تعالى نصاً على أن العلوية ذرّيّة من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أو لأقتلنّك ، ولا أريد قوله تعالى : * ( نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ ) * ( 1 ) فتلا قوله تعالى : * ( وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمانَ ) * إلى أن قال : * ( وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى ) * ثمَّ قال : فعيسى من ذرّيّة نوح من قبل الأب أو من قبل الأم ؟ فبهت الحجاج ، وردَّه بجميل ، وقال : كأني سمعت هذه الآية الآن ( 2 ) . ورحم الله نصر بن علي ، وهو الآخر أيضاً قد تعرَّض للعقوبة ، إذ أمر المتوكِّل بضربه ألف سوط لا لذنب ارتكبه ولا لشيء يزري به إلاَّ أنه روى منقبةً من مناقبِ الحسن والحسين ( عليهما السلام ) ، فقد روى هذا الحديث الشريف ، قال : أخبرني علي بن جعفر بن محمد بن علي بن حسين بن علي ، حدَّثني أخي موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمد ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن جده ( عليهم السلام ) أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أخذ بيد حسن وحسين وقال : من أحبَّني وأحبَّ هذين وأباهما وأمهما كان معي في درجتي يوم القيامة . قال أبو عبد الرحمن عبد الله : لمَّا حدَّث بهذا الحديث نصر بن علي أمر المتوكِّل بضربه ألف سوط ، وكلَّمه جعفر بن عبد الواحد وجعل يقول له : هذا الرجل من أهل السنة ، ولم يزل به حتى تركه ( 3 ) . وممن قُتل في محبَّة أهل البيت ( عليهم السلام ) ابن السكيت رحمه الله تعالى ( 4 ) ، وقد كان
1 - سورة آل عمران ، الآية : 61 . 2 - السير الكبير ، الشيباني : 1 / 328 . 3 - تاريخ بغداد ، للخطيب البغدادي : 13 - 289 . 4 - هو : يعقوب بن إسحاق ، الشهير بابن السكيت ( ت 244 ه - ) ، إمام في اللغة والأدب ، أصله من خوزستان ( بين البصرة وفارس ) تعلَّم ببغداد ، قال ثعلب : أجمعوا أنه لم يكن أحد بعد ابن الأعرابي أعلم باللغة من ابن السكيت . راجع : الأعلام ، خير الدين الزركلي : 8 / 195 .