ومنهم سعيد بن جبير رحمه الله تعالى ، وهو من شيعة أهل البيت ( عليهم السلام ) ، وقد قُتل مظلوماً شهيداً في سبيل الله تعالى ، ومن كتاب روضة الواعظين للفتال النيسابوري قال : قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : إن سعيد بن جبير كان يأتمُّ بعلي بن الحسين ( عليه السلام ) ، فكان عليٌّ يُثني عليه ، وما كان سبب قتل الحجاج له إلاَّ على هذا الأمر ، وكان مستقيماً ، وذكر أنه لمَّا دخل على الحجاج بن يوسف قال : أنت شقيُّ بن كسير ؟ قال : أمي كانت أعرف بي ، سمَّتني سعيد بن جبير ، قال : ما تقول في أبي بكر وعمر ، هما في الجنة أو في النار ؟ قال : لو دخلت الجنة فنظرت إلى أهلها لعلمت من فيها ، ولو دخلت النار ورأيت أهلها لعلمت من فيها ، قال : فما قولك في الخلفاء ؟ قال : لست عليهم بوكيل ، قال : أيُّهم أحبُّ إليك ؟ قال : أرضاهم لخالقي ، قال : فأيُّهم أرضى للخالق ؟ قال : عِلمُ ذلك عند الذي يعلم سرَّهم ونجواهم ، قال : أبيت أن تصدقني ، قال : بل لم أحبَّ أن أكذبك ( 1 ) . وفي رواية الثعالبي أنَّ الحجاج قال : اختر - يا سعيد - أيَّ قتلة أقتلك ، قال : اختر لنفسك يا حجاج ، فوالله ، لا تقتلني قتلة إلاَّ قتلك الله مثلها في الآخرة ، قال : أفتريد أن أعفو عنك ؟ قال : إن كان العفو ، فمن الله ، وأمَّا أنت فلا براءة لك ولا عذر ، قال الحجاج : اذهبوا به فاقتلوه ، فلما خرج من الباب ضحك ، فأُخبر الحجاج بذلك فردَّه ، وقال : ما أضحكك ؟ قال : عجبت من جرأتك على الله ، وحلم الله عليك ، فأمر بالنطع فبُسط ، وقال : اقتلوه ! فقال سعيد : وجَّهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض ، حنيفاً وما أنا من المشركين . قال : وجِّهوا به لغير القبلة ، قال سعيد : * ( فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ ) * ( 2 ) قال : كبّوه لوجهه ، قال سعيد :