ثم بكى بأعلى صوته وبكيت ، فأثبتُّ عندي تلك الساعة ، وكان شهر المحرم يوم عاشورا لعشر مضين منه ، فوجدته قتل يوم ورد علينا خبره وتاريخه كذلك ، فحدَّثت هذا الحديث أولئك الذين كانوا معه ، فقالوا : والله لقد سمعنا ما سمعت ونحن في المعركة ولا ندري ما هو ، فكنا نرى أنه الخضر ( عليه السلام ) ( 1 ) . وعن جرداء بنت سمين ، عن زوجها هرثمة بن أبي مسلم ، قال : غزونا مع علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) صفين ، فلمَّا انصرفنا نزل بكربلا فصلَّى بها الغداة ، ثم رفع إليه من تربتها فشمَّها ، ثم قال : واهاً لك أيتها التربة ، ليحشرنَّ منك أقوام يدخلون الجنة بغير حساب . فرجع هرثمة إلى زوجته - وكانت شيعة لعلي ( عليه السلام ) - فقال : ألا أحدِّثك عن وليِّك أبي الحسن ؟ نزل بكربلا فصلَّى ، ثم رفع إليه من تربتها فقال : واهاً لك أيتها التربة ، ليحشرنَّ منك أقوام يدخلون الجنة بغير حساب ، قال : أيها الرجل ، فإن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) لم يقل إلاّ حقاً . فلما قدم الحسين ( عليه السلام ) قال هرثمة : كنت في البعث الذين بعثهم عبيد الله بن زياد لعنهم الله ، فلمَّا رأيت المنزل والشجر ذكرت الحديث ، فجلست على بعيري ، ثمَّ صرت إلى الحسين ( عليه السلام ) فسلَّمت عليه ، وأخبرته بما سمعت من أبيه في ذلك المنزل الذي نزل به الحسين ، فقال : معنا أنت أم علينا ؟ فقلت : لا معك ولا عليك ، خلَّفت صبية أخاف عليهم عبيد الله بن زياد ، قال : فامض حيث لا ترى لنا مقتلا ، ولا تسمع لنا صوتاً ، فوالذي نفس حسين بيده لا يسمع اليوم واعيتنا أحد فلا يعيننا إلاَّ كبَّه الله لوجهه في نار جهنم ( 2 ) . وعن القداح ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ( عليهما السلام ) قال : مرَّ علي بكربلاء ، في