سيوفهم وهي بيض تلمع ، وقد خطّوا حول هذه الأرض خطّة ، ثم رأيت كأن هذه النخيل قد ضربت بأغصانها الأرض تضطرب بدم عبيط ، وكأني بالحسين سخلي وفرخي ومضغتي ومخي قد غرق فيه ، يستغيث فيه فلا يغاث ، وكأن الرجال البيض قد نزلوا من السماء ، ينادونه ويقولون : صبراً آل الرسول ، فإنكم تُقتلون على أيدي شرار الناس ، وهذه الجنة - يا أبا عبد الله - إليك مشتاقة ، ثم يُعزّونني ويقولون : يا أبا الحسن أبشر ، فقد أقرَّ الله به عينك يوم يقوم الناس لربِّ العالمين . ثمَّ انتبهت هكذا ، والذي نفس عليٍّ بيده ، لقد حدَّثني الصادق المصدَّق أبو القاسم ( صلى الله عليه وآله ) أني سأراها في خروجي إلى أهل البغي علينا ، وهذه أرض كرب وبلاء ، يُدفن فيها الحسين ( عليه السلام ) وسبعة عشر رجلا من ولدي وولد فاطمة ( عليها السلام ) ، وإنها لفي السماوات معروفة ، تذكر أرض كرب وبلاء ، كما تذكر بقعة الحرمين ، وبقعة بيت المقدس . ثمَّ قال لي : يا ابن عباس ، اطلب في حولها بعر الظباء ، فوالله ما كذبت ولا كُذبت ، وهي مصفرَّة ، لونها لون الزعفران ، قال ابن عباس : فطلبتها فوجدتها مجتمعة ، فناديته : يا أمير المؤمنين ، قد أصبتها على الصفة التي وصفتها لي ، فقال علي ( عليه السلام ) : صدق الله ورسوله ( صلى الله عليه وآله ) . ثم قام ( عليه السلام ) يهرول إليها فحملها وشمَّها ، وقال : هي هي بعينها ، أتعلم يا ابن عباس ما هذه الأبعار ؟ هذه قد شمَّها عيسى بن مريم ، وذلك أنه مرَّ بها ومعه الحواريون ، فرأى ههنا الظباء مجتمعة وهي تبكي ، فجلس عيسى وجلس الحواريون معه ، فبكى وبكى الحواريون ، وهم لا يدرون لم جلس ولم بكى . فقالوا : يا روح الله وكلمته ، ما يبكيك ؟ قال : أتعلمون أيَّ أرض هذه ؟ قالوا : لا ، قال : هذه أرض يُقتل فيها فرخ الرسول أحمد ( صلى الله عليه وآله ) ، وفرخ الحرَّة الطاهرة البتول شبيهة أمي ، ويُلحد فيها ، طينة أطيب من المسك لأنها طينة الفرخ المستشهد ،