من أصحابه ، فلمّا رأى الحسين ( عليه السلام ) ما بي وبفرسي من العطش قال : أنخ الراوية - والراوية عندي السقاء - ثمَّ قال : يا ابن الأخ ، أنخ الجمل ، فأنخته ، فقال : اشرب ، فجعلت كلَّما شربت سال الماء من السقاء ، فقال الحسين ( عليه السلام ) : أخنث السقاء - أي أعطفه - فلم أدر كيف أفعل ، فقام فخنثه فشربت وسقيت فرسي . وكان مجيء الحرّ بن يزيد من القادسية ، وكان عبيد الله بن زياد بعث الحصين ابن نمير وأمره أن ينزل القادسية ، وتقدَّم الحر بين يديه في ألف فارس يستقبل بهم الحسين ( عليه السلام ) فلم يزل الحرّ موافقاً للحسين ( عليه السلام ) حتى حضرت صلاة الظهر فأمر الحسين ( عليه السلام ) الحجاج بن مسروق أن يؤذّن . فلمَّا حضرت الإقامة خرج الحسين ( عليه السلام ) في إزار ورداء ونعلين ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثمَّ قال : أيها الناس ، إني لم آتكم حتى أتتني كتبكم ، وقدمت عليَّ رسلكم أن : اقدم علينا فليس لنا إمام ، لعل الله أن يجمعنا بك على الهدى والحق ، فإن كنتم على ذلك فقد جئتكم ، فأعطوني ما أطمئنّ إليه من عهودكم ومواثيقكم ، وإن لم تفعلوا وكنتم لمقدمي كارهين انصرفت عنكم إلى المكان الذي جئت منه إليكم . فسكتوا عنه ولم يتكلَّموا كلمة ، فقال للمؤذِّن : أقم ، فأقام الصلاة ، فقال للحر : أتريد أن تصلي بأصحابك ؟ فقال الحر : لا ، بل تصلّي أنت ونصلّي بصلاتك ، فصلّى بهم الحسين ( عليه السلام ) ، ثمَّ دخل فاجتمع عليه أصحابه ، وانصرف الحر إلى مكانه الذي كان فيه ، فدخل خيمة قد ضُربت له ، فاجتمع إليه جماعة من أصحابه ، وعاد الباقون إلى صفّهم الذي كانوا فيه ، ثمَّ أخذ كل رجل منهم بعنان فرسه وجلس في ظلّها . فلمّا كان وقت العصر أمر الحسين ( عليه السلام ) أن يتهيأوا للرحيل ففعلوا ، ثمَّ أمر مناديه فنادى بالعصر وأقام ، فاستقدم الحسين ( عليه السلام ) وقام فصلَّى بالقوم ، ثمَّ سلَّم