وهانىء بن عروة ، وعبد الله بن يقطر ، إلى أن قال ( عليه السلام ) : فمن أحبَّ منكم الانصراف فلينصرف في غير حرج ، ليس عليه ذمام . فتفرَّق الناس عنه وأخذوا يميناً وشمالا حتى بقي في أصحابه الذين جاؤوا معه من المدينة ، ونفر يسير ممن انضمّوا إليه . وإنّما فعل ذلك لأنه ( عليه السلام ) علم أن الأعراب الذين اتّبعوه إنما اتّبعوه وهم يظنّون أنه يأتي بلداً قد استقامت له طاعة أهلها ، فكره أن يسيروا معه إلاّ وهم يعلمون علامَ يقدمون ، فلمّا كان السحر أمر أصحابه فاستقوا ماءً وأكثروا ، ولله درّ الشيخ كاظم الأزري عليه الرحمة إذ يقول : < شعر > أفدي القُرُومَ الأولى سارت ركائُبهم * والموتُ خَلْفَهُمُ يَسْري على الأَثَرِ للهِ مَن في مغاني كربلاءَ ثَوَوا * وَعِنْدَهُمْ عِلْمُ ما يجري مِنَ القَدَرِ ثاروا ولولا قَضَاءُ اللهِ يُمْسِكُهُمْ * لم يترُكُوا لبني سفيانَ مِنْ أَثَرِ هُمُ الأسودُ ولكنَّ الوغى أُجُمٌ * وَلاَ مَخَاليبَ غَيْرُ البيضِ والسُّمُرِ أبدوا وَقَائِعَ تُنْسي ذِكْرَ غَيْرِهِمُ * وَالوخزُ بالسُّمْرِ يُنسي الوَخْزَ بالإِبَرِ سَلْ كربلا كم حَوَتْ منهم هِلاَلَ دُجَىً * كأنَّها فَلَكٌ لِلأَنْجُمِ الزُّهُرِ لم أنسَ حامية الإسلامِ منفرداً * صِفْرَ الأَنَامِلِ من حام ومنتصرِ رأى قَنَا الدينِ من بَعْدِ استقامتِها * مغموزةً وعليها صُدْعُ منكسِرِ فقام يجمعُ شملا غيرَ مجتمع * منها ويجبُرُ كسراً غيرَ مُنْجَبِرِ لم أنسه وهو خوَّاضٌ عَجَاجَتَها * يشقُّ بالسيفِ منها سَوْرَةَ السورِ ( 1 ) < / شعر >
1 - رياض المدح والرثاء ، الشيخ حسين القديحي : 263 - 264 .