عقيل بن أبي طالب ، بيدك أسارى ، نسألك من طيِّب الطعام فلا تطعمنا ، ومن بارد الشراب فلا تسقينا ، وقد ضيَّقت علينا سجننا ، فانكبَّ الشيخ على أقدامهما يقبِّلهما ويقول : نفسي لنفسكما الفداء ، ووجهي لوجهكما الوقاء ، يا عترة نبيِّ الله المصطفى ، هذا باب السجن بين يديكما مفتوح ، فخذا أيَّ طريق شئتما ، فلمَّا جنَّهما الليل أتاهما بقرصين من شعير وكوز من الماء القراح ووقفهما على الطريق ، وقال لهما : سيرا - يا حبيبيَّ - الليل ، واكمنا النهار حتى يجعل الله عزَّ وجلَّ لكما من أمركما فرجاً ومخرجاً ، ففعل الغلامان ذلك . ولله درّ الحجة الشيخ علي الجشي عليه الرحمة إذ يقول : < شعر > أفدي يتيمي مسلم إذا أُسِرَا * ظلماً وفي سجنِ الدعيِّ عُذِّبا قد ضُيِّقَ السجنُ عليهما وَلاَ * ذَاقَا طعاماً طَيِّبا أو مشربا حتى إذا ضاقا بما نالهما * ذرعاً وأمرُ اللهِ جَلَّ اقتربا فخاطبا السجَّانَ في أمرِهما * وبالنبيِّ المصطفى تقرَّبا هناك خلَّى عنهما فانطلقا * لا يَعْرِفانِ مَسْلَكاً ومَذْهَبا سَارا بليل وَهُما لم يدريا * أين الطريقُ يَطْلُبَانِ مَهْرَبا ( 1 ) < / شعر > قال : فلمَّا جنَّهما الليل انتهيا إلى عجوز على باب ، فقالا لها : يا عجوز ، إنا غلامان صغيران غريبان حدثان غير خبيرين بالطريق ، وهذا الليل قد جنَّنا ، أضيفينا سواد ليلتنا هذه ، فإذا أصبحنا لزمنا الطريق . فقالت لهما : فمن أنتما يا حبيبيَّ ؟ فقد شممت الروائح كلها ، فما شممت رائحة أطيب من رائحتكما ، فقالا لها : يا عجوز ، نحن من عترة نبيك محمد ( صلى الله عليه وآله ) ، هربنا من سجن عبيد الله بن زياد من القتل ، قالت العجوز : يا حبيبيَّ ، إن لي ختناً فاسقاً ، قد شهد الواقعة مع عبيد الله بن زياد ، أتخوَّف أن يصيبكما هاهنا فيقتلكما ، قالا :