نام کتاب : الشيعة وفنون الإسلام نویسنده : السيد حسن الصدر جلد : 1 صفحه : 13
ولكني بدل أن أسمع ذلك عنه في زمن شبيبته ، فقد شاهدت ذلك منه بأم عيني في زمن شيخوخته ، وإن مكتبته التي يأوي إليها الليل والنهار ، ويجلس هناك بيمناه القلم وبيسراه القرطاس ، لهي الشاهد الفذ بأن عيني صاحبها المفتوحتين في الليل لا يطبق أجفانها الكري في النهار . ولئن جاءها الكري فإنما يجيئها حثاثا لا يكاد يلبث حتى يزول . حقا أقول : أن السيد المؤلف قد نام ربعا من عمره الشريف ، وسهر الباقي ، ولكن الكثير الأكثر من الناس قد سهروا الربع وناموا الربع وناموا الباقي . علومه ومعارفه : قل ما يوجد في علماء الدين رجل متفنن ، يجمع بين علم الأحكام وغيره ، وإني لا أعرف لذلك سببا مقبولا ، يصلح لأن يكون عاذرا لجميعهم عند المعترض ، لأن علم الأحكام - وإن كان عميق الغور ، بعيدا ما بين طرفيه - بيد أن ذلك لا يكاد يعترض طريق الهمام ، فإن الصعاب مهما كبرت لا تكون إلا مسترذلة عند كبار النفوس ، ولعل المستقبل يكفينا مؤنة الدعوة والاستنهاض ، فيضطرهم يوما ما إلى التفنن في معارفهم بالرغم من إرجاف المتساهلين ، فتصبح أفواههم عند ذلك تتدفق عسلا ولبنا . على أن الواجب الديني اليوم هو الذي يدعوهم إلى التوسع في المعلومات ، فإن العلم الواحد لا يصلح أن يكون مروجا للديانة أبدا ، في حين أن الظروف لا تكاد تكون واحدة ، فكما تتفاوت الظروف يجب أن تتفاوت رجال العلم في العلوم ، وليس علم الأحكام اليوم مما يقوم بمفرده في ترويج الديانة ترويجا معجبا ، ما لم يصافح قسما من الفنون الضرورية ، فإن الحالة الدينية اليوم غير الحالة الدينية بالأمس ، كما قد علم ذلك بسطاء العامة ، فضلا عن المفكرين من الخاصة . فعسى إن جماعة العلماء يلفتون إلى ذلك بعض النظر ، كما التفت إليه قبل اليوم
13
نام کتاب : الشيعة وفنون الإسلام نویسنده : السيد حسن الصدر جلد : 1 صفحه : 13