محمد بن عبد الوهاب دروسه في كليات بغداد الدينية ، فأتيح له أن يجلب الأخطار العظيمة على هذه البلاد التي أقام فيها ، وانتقل من بغداد إلى المدينة ثم إلى عوينة في نجد . . إلى أن يقول : على أن الفاجعة الكبرى كانت على قاب قوسين أو أدنى ، تلك الفاجعة التي دلت على منتهى القسوة والهمجية والطمع الأشعبي ، واستعملت باسم الدين ، وأن الجيوش الوهابية تحركت للغزو المختص بالربيع . . . انتشر خبر اقتراب الوهابيين من كربلاء عشية اليوم الثاني من نيسان 1801 عندما كان معظم سكان البلدة ( كربلاء ) في النجف يقومون بالزيارة ، فسارع من بقي في المدينة لإغلاق الأبواب ، غير أن الوهابيين وقد قدروا بستمائة هجان وأربعمائة فارس ، نزلوا فنصبوا خيامهم وقسموا قوتهم إلى ثلاثة أقسام ، وفي ظل أحد الخانات ( من ناحية محلة باب المخيم فتحوا ثغرة في السور فدخلوا أحد الخانات فجأة ) هاجوا أقرب باب من أبواب البلد ، فتمكنوا من فتحه عسفا ودخلوا ، فدهش السكان وأصبحوا يفرون على غير هدى ، أما الوهابيون الخشن فقد شقوا طريقهم إلى الأضرحة المقدسة وأخذوا يخربونها ، فاقتلعت القصب المعدنية ، والسياج ثم المرايا الجسيمة ، ونهبت النفائس والحاجات الثمينة من هدايا الباشوات والأمراء وملوك الفرس وكذلك سلبت زخارف الجدران وقلع ذهب السقوف ، وأخذت الشمعدانات والسجاد الفاخر ، والمعلقات الثمينة ، والأبواب المرصعة وجميع ما وجد من هذا الضرب ، وقد سحبت جميعها ونقلت إلى الخارج . وقتل زيادة على هذه الأفاعيل قراب خمسين شخصا بالقرب من الضريح ، وخمسمائة أيضا خارج الضريح في الصحن ، أما البلدة نفسها فقد عاث الغزاة المتوحشون فيها فسادا وتخريبا ، وقتلوا من دون رحمة جميع من صادفوه ،