يسألونه في حياته ، وأما بعد موته فحاشا وكلا ، إنهم سألوه ذلك عند قبره ، بل أنكر السلف على من قصد دعاء الله عند فكيف دعاء نفسه ؟ فإنه يرد عليه أما أولا فلأن السلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان لم ينكروا التوسل بالنبي صلى الله عليه وآله حال حياته ولا بعد وفاته ، بل كانوا يتوسلون به من قبل وجوده ، وعليه مذهب المسلمين كافة ما عدا الطائفة الوهابية الذين عبروا عنه بالشرك الأكبر ، وأباحوا لأجله دماء المسلمين وأموالهم على خلاف الكتاب والسنة وما عليه الصحابة . وذلك لما رواه البيهقي وابن أبي شيبة بإسناد صحيح - كما قاله أحمد بن زيني دحلان في خلاصة الكلام - من أن الناس أصابهم قحط في خلافة عمر ، فجاء بلال بن الحرث إلى قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وقال : يا رسول الله استسق لأمتك فإنهم هلكوا ، فأتاه رسول الله في المنام فأخبره أنهم يسقون . وليس الاستدلال من حيث الرؤيا ، إذ لا يثبت بها الحكم شرعا . وإنما الاستدلال بفعل بلال الذي من الأصحاب ، فإتيانه لقبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وندائه وطلبه الاستسقاء لأقوى دليل على أن ذلك أمر جائز وليس من الشرك . وفيها أيضا رواية الطبراني والبيهقي : أن رجلا كان يختلف إلى عثمان في زمن خلافته في حاجة ، فكان لا يلتفت إليه ولا ينظر في حاجته ، فشكى ذلك لعثمان بن حنيف فقال له : ائت الميضاة فتوضأ ثم ائت المسجد فصل ، ثم قل : اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد نبي الرحمة يا محمد ، إني أتوجه بك إلى ربك لتقضي حاجتي وتذكر حاجتك ، فانطلق الرجل فصنع ذلك