قلت : هذه المرتبة من التوكل على الله والتوسل به تعالى - وإن كانت راجحة لقوله سبحانه : ومن يتوكل على الله فهو حسبه ، وقوله : فإن تولوا فقل حسبي الله عليه توكلت - إلا أن الكلام في وجوبها عقلا وسمعا ، والظاهر عدم وجوبها عقلا بعد اعتقاد العبد أن المدبر الحقيقي هو الله ، وأن الاعتماد على غيره من باب أنبت الربيع البقل ، وأن الأسباب مقضيات عادية عليها ولذا قال سبحانه : وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى ، ولا وجوبها شرعا وإلا لزم شرك الأنبياء حيث استعانوا بغير الله ، ولزم الأمر بالشرك في قوله تعالى : تعاونوا على البر والتقوى . وثانيا : إن مقتضى الآية حرمة الاستعانة بالمخلوق حيهم وميتهم وهذا ينافي التفصيل الذي ذهب إليه ابن عبد الوهاب ، فإنه في رسالته في الرد على شيخ الطائفة الإمامية الشيخ جعفر النجفي عند استدلاله ( قده ) لجواز التوسل بالمخلوق بأن الناس يوم القيامة يزحفون إلى آدم عليه السلام ثم إلى نوح عليه السلام ثم إلى إبراهيم عليه السلام ثم إلى موسى ثم إلى عيسى ، وكلهم يعتذرون حتى ينتهي إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فهذا يدل على أن التوسل بغير الله تعالى جائز وليس شركا . قال : الجواب أن الاستعانة بالمخلوق على ما يقدر عليه لا ننكرها ، كما يستغيث الإنسان بأصحابه في الحروب وغيره في أشياء يقدر عليه المخلوق ، وإنما نحن أنكرنا الاستغاثة التي يفعلونها عند قبور الأولياء في غيبتهم في الأشياء التي لا يقدر عليها إلا الله تعالى .