قال ابن تيمية : إن قوله تعالى : ومن اتبعك معطوف على الكاف في حسبك ، والمعنى حسبك الله وحسب من اتبعك . أقول : هذا خلاف لظاهر الآية ومناقض للصناعة النحوية ، للزوم العطف على الضمير المجرور بلا إعادة الجار - أعني المضاف وهو لفظ حسب - فمقتضى ظاهر الآية كون النبي مستمدا من الله ومن المؤمنين ، كاستمداد عيسى عليه السلام بالحواريين حيث قال : من أنصاري إلى الله ، وكاستمداد موسى بأخيه هارون حتى نزل في حقه : ( شنشد عضدك بأخيك ) ، وقال لوط عليه السلام لو كان لي بكم قوة أو آوى إلى ركن شديد . وقال سبحانه : إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث - أي قويناهما بثالث . استنصار الله والأنبياء بالمخلوقين ومع هذه الآيات البينات كيف تنكر الوهابية جواز الاستمداد بالمخلوق والحال إن الله تعالى - مع قوته القاهرة - استنصر عبادة بقوله عز شأنه . إن تنصروا الله ينصركم . وقوله تعالى : والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنين وثانيها ما عن بعض علماء الهند من أن الاستعانة بالمخلوق ينافي الحصر المستفاد من قوله تعالى : إياك نعبد وإياك نستعين . والجواب عنه أولا : أن المقصود من الآية الاستعانة بالله في العبادة والهداية ، بقرينة قوله : ( إياك نعبد ) وقوله : ( اهدنا الصراط المستقيم ) فكأن المصلي يقول : يا رب أتيت بالعبادة وبك أستعين في إتمامها . فإن قلت : الظاهر العموم ، وأن المعنى أستعين بك يا رب في جميع أموري ولا أستعين بغيرك .