ومقتضى عموم رأفته ورحمته بالمؤمنين قضاء حوائجهم بشفاعته لهم إلى الله تعالى . قال الرازي : المراد حريص على إيصال الخيرات إليكم في الدنيا والآخرة . أقول ، ومن كان هذا شأنه جاز الوفود عليه ، والتوسل به وعدم الإعراض عنه إلى غيره ، ممن لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ، بخلاف الأنبياء لقوله تعالى فيما اختص به عيسى عليه السلام : إني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله ، وأبرئ الأكمه والأبرص وأحي الموتى بإذن الله . وقال تعالى - في حق إبراهيم عليه السلام - : فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ، ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا ثم أدعهن يأتينك سعيا . كل ذلك مضافا إلى ما ورد في الكتاب والسنة من معجزات الأنبياء وخوارق العادات الجارية على أيديهم ، مثل انفجار الحجر لموسى ، وإحياء الموتى على يد عيسى ، وانشقاق القمر لنبينا صلى الله عليه وآله وسلم إلى السماء فكان قاب قوسين أو أدنى . والغرض من ذكر ما اختصوا به سلام الله عليهم بيان قدرتهم حال حياتهم ، وتتم دلالة هذه على المقصود بضميمة ما دلت على ثبوت الحياة المستقرة للأنبياء في عالم البرزخ . فبهاتين المقدمتين نستنتج أن الأنبياء قادرون ومتمكنون من إجابة دعوة المضطر بعد مماتهم ، كحال حياتهم ، فلا يكون الالتجاء بهم لغوا وعبثا ، كما لا يكون شركا ، فهل يجد فرقا بين سؤال عيسى عليه السلام شفاء المرضى وإحياء الموتى ، ويحكم بجواز التوسل فيه ؟