الوداع : أنظروا ولا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض . والمقصود من هذه المقدمة أن عمل الوهابية خلاف ما عليه الكتاب والسنة ، لتطابقها على لزوم التودد والتحابب بين المسلمين ، لا على التنافر والتعاند ورمي بعضهم بعضا بالكفر ، والتعدي بالضرب والشتم . وما علينا إلا البلاغ المبين ، تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق ، إذا عرفت ما مهدناه لك فنقول : إن هذه الرسالة مشتملة على مسائل ، وخاتمة . المسألة الأولى في الشفاعة قالت الوهابية : الشفاعة للأنبياء والأولياء منقطعة في الدنيا ، وإنما هي ثابتة لهم في الآخرة ، فلو جعل العبد بينه وبين الله تعالى وسائط من عباده يسألهم الشفاعة كان ذلك شركا ، وعبادة لغير الله تعالى ، فاللازم أن يوجه العبد دعاءه إلى ربه ويقول : اللهم اجعلنا ممن تناله شفاعة محمد صلى الله عليه وآله وسلم ولا يجوز له أن يقول : يا محمد اشفع لي عند الله . محتجين عليه بقوله تعالى : وإن المساجد لله ، فلا تدعوا مع الله أحدا وقوله سبحانه : من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه وقوله جل شأنه : ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وقوله عز من قائل : لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا . قال محمد بن عبد الوهاب في رسالته كشف الشبهات : فإن قال : أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أعطى الشفاعة ، واطلبه مما أعطاه الله . فالجواب : أن الله أعطاه الشفاعة ، ونهاك عن هذا ! وقال : فلا تدع مع الله أحدا ، وأيضا : فإن الشفاعة أعطاها غير النبي صلى الله عليه وآله وسلم فصح أن الملائكة يشفعون ، والأولياء يشفعون ،