عن المطاعن في الجماعة . إن أكثر هذه الأمور لهم فيها معاذير يخرجها عن أن تكون ذنوبا ، وتجعلها من موارد الاجتهاد التي إن أصاب المجتهد فيها فله أجران ، وإن أخطأ فله أجر ، وعامة المنقول الثابت من الخلفاء الراشدين من هذا الباب ، انتهى . أقول : وذلك كما في صحيح البخاري عن عمرو بن العاص أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران ، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر . قال : فحدثت بهذا الحديث أبا بكر بن محمد بن عمرو ابن حزم ، فقال : هكذا . وقال في ص 20 : قول السلف وأئمة الفتوى كأبي حنيفة والشافعي والثوري وداود بن علي وغيرهم لا يؤثمون مجتهدا مخطأ ، لا في المسائل الأصولية ولا في الفروعية ، كما ذكر ذلك ابن حزم عنهم وغيره ، ولهذا كان أبو حنيفة والشافعي وغيرهما يقبلون شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية ، ويصححون الصلاة خلفهم ، والكافر لا تقبل شهادته على المسلمين ، ولا يصلى خلفه . وقالوا : هذا القول المعروف عن الصحابة والتابعين لهم بإحسان وأئمة الدين : أنهم لا يكفرون ولا يفسقون ، ولا يؤثمون أحدا من المجتهدين المخطئين ، لا في مسألة علمية ولا عملية ، انتهى . وقال ابن حزم في ص 247 من أواخر الجزء الثالث من كتاب الفصل في الأهواء والملل والنحل ما هذه ألفاظه : وذهبت طائفة إلى أنه لا يكفر ولا يفسق مسلم بقول قاله في اعتقاد أو فتيا ، وأن كل من اجتهد في شئ من ذلك فدان بما رأى أنه الحق فإنه مأجور على كل حال ، إن أصاب فأجران ، وإن أخطأ فأجر واحد ، انتهى .