نام کتاب : أعلام الدين في صفات المؤمنين نویسنده : الحسن بن محمد الديلمي جلد : 1 صفحه : 78
دليل آخر على حدوث العالم وقدم محدثه : و مما يستدل به على محدث للعالم ، أنا نجد الأجسام مشتركة في كونها أجساما ، هي مع ذلك مفترقة في أمور أخر : كونها ترابا وماء وهواء ونارا ، فلا يخلو هذا الافتراق في الصور والصفات إما أن يكون لأمر من الأمور اقتضى ذلك أو لا لأمر ، فإن كان لا لأمر ، لم تكن الأجسام بأن تفترق أولى من أن لا تفترق ، ولم يكن بعضها بكونه أرضا وبعضها هواء أو ماء بأولى من العكس ، فثبت أنه لا بد من أمر اقتضى افتراقها ، ولا يصح أن يكون ذلك الأمر هو كونها أجساما لأنها مشتركة في ذلك ، فكان يجب أن تشترك في صفة واحدة ، أو يكون كل بعض منها على جميع هذه الصفات المتصلات ، فلا بد أن يكون الأمر المقتضي لأمر إنما هو غيرها ، ولا يصح أن يكون مثلها ولا من جنسها ، ثم لا يخلو أن يكون موجبا أو مختارا ، فإن كان موجبا فلم أوجب النار كونها نارا ، دون أن يوجب للماء أن يكون نارا ، وللأرض أن تكون هواء ؟ وكيف يصح وجود صور متضادة ولا موجب لها ؟ وفي فساد هذا دلالة على أنه مختارا ، وإذا ثبت ذلك فهو المحدث القديم ، الذي لا يجوز أن يكون محدثا إلا وهو حي قادر . دليل آخر : ومما يستدل به على أنه لا بد للعالم من محدث ، ما تجد فيه [ من ] ( 1 ) إحكام الصنعة وإتقان التدبير ، فلو جاز أن يتفق ذلك لا بمحدث أحدثه ، لجاز أن يجتمع ألواح وقار ومسامير وتتألف سفينة بغير جامع ولا مؤلف ، ثم تعبر بالناس في البحر بغير معبر ولا مدبر ، فلما كان ذلك ممتنعا في العقل ، كان ذلك في العالم أشد امتناعا وأبعد وقوعا . دليل آخر : وما يستدل به على وجود المدبر الصانع ، أمر الفيل وأصحابه ، الذين أخبر الله تعالى عنهم وعما أصابهم ، مما ليس لملحد في تخريج الوجوه له حيلة ، ولا يكون ذلك إلا من الصانع سبحانه ، وليس إلى إنكاره سبيل لاشتهاره وقرب عهده ، فلأنه يجوز أن يقوم
1 - أثبتناه لضرورة السياق .
78
نام کتاب : أعلام الدين في صفات المؤمنين نویسنده : الحسن بن محمد الديلمي جلد : 1 صفحه : 78