وقفة مع رزية الخميس : لم يسعني وأنا أطوي هذه الأسطر الأخيرة من حديثي هذا إلا أن أشير إلى حدث بقي حتى يومنا هذا محل تساؤل بين عموم المسلمين ، يتفاوت التصريح به بين الهمس المتواري خجلا ، وبين عبارات الاستهجان المندفعة كالبركان المتفجر ، أو كالسيل الهادر ، وللاثنين ما يعتذر به ، فالأول يجد بشاعة الحدث تلقي غمامة سوداء على مثل بقي طوال عمره مؤمنا بها ، ومدافعا عنها ، والثاني يحمل أصحاب هذا الأمر الكثير مما أصاب هذه الأمة من التبعثر والتشتت والتمزق ، وهي حقيقة لا يسع منصف الإعراض عنها ما جهد في تبريرها . وهنا يكمن أصل الداء . لقد اتفق المسلمون مع اختلاف مشاربهم وتشتت مذاهبهم على جملة أمور اعتبروها من مسلمات الدين التي لا مناص لمسلم من الاعتقاد بها والتعبد بمضامينها ، ومن ذلك الاستجابة المطلقة وغير المترددة ولا المجتهدة قبالة النص الثابت الصدور عن رسول الله صلى الله عليه وآله ، وحيث تتأكد وجوبية الالتزام والتنفيذ ، وحرمة المخالفة والمعارضة حين الحضور المقدس لصاحب الرسالة صلى الله عليه وآله [ ما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا ] [1] . ومما لا ريب فيه أن العلة في هذا التحريم واضحة بينة تتمثل أوضح أبعادها في رد حكم الله تبارك وتعالى وإرادته ، لأن الرسول صلى الله عليه وآله ليس إلا ممثلا لإرادة السماء ، مجسدا لمشيئتها ، مبلغا لأوامرها . ومن