الإلهية ، لأنه [ ما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى ] [1] . نعم فهل يمكن حصر تلك الشخصية العظيمة التي شاءت إرادة الباري عز وجل أن تنيط بها هذه المسؤولية الجسيمة والخطيرة ، والتي ينبغي أن تكون مشخصة للجميع ، ومعلومة عندهم ، ومتميزة من بينهم ، تعرف دون عناء قد يضيع البعض في سلوك الدرب إليه ، أو يقع في جملة المتشابهات المتعددة . أقول - ويوافقني في ذلك كل العقلاء - : إن من المنطقي الذي ينبغي أن تتسالم عليه آراء ومعتقدات الجميع كون معرفة تلك الشخصية الوارثة لهذا الأمر أيسر من أن تأخذ من المسلم مأخذا كبيرا ، وجهدا مضنيا ، لأن الله تبارك وتعالى ما أرسل الأنبياء والمرسلين عليهم السلام إلا رحمة منه ولطفا يفيضه على عباده ، وجعل صراط الحق الذي يدعو أولئك المرسلين إليه بينا واضحا لا لبس فيه ولا شبهة ، يسلكه من ابتغى النجاة ، ويعرض عنه من أبى ، وليس للثاني حجة يحتج بها يوم القيامة ، وتلك هي العدالة السماوية ، وإلا لانتفى ذلك المفهوم عندما يعجز البعض عن إدراك الحق لقصور المشرع في تحديد مسالكه ، وذلك ما يستحيل افتراضه ، وإن افترضه البعض معاندة للحق فليس هو إلا محض افتراء وتجني على المرسل والرسول ، ومجافاة صريحة للعقل والمنطق ، وهذا ما يستدل به في وجوب تشخيص الوصي والنائب عن رسول الله صلى الله عليه وآله ، لأنه ليس من المنطقي أن يجعل الله تبارك وتعالى وصي رسوله لغزا مخفيا ، وسرا مموها ، لما في ذلك من التعارض البين مع الرحمة الإلهية أولا ، ومع حكمة نصب هذا الإمام ثانيا ، وكذا هو حال الرسول صلى الله عليه وآله . إذن فماذا يجيبنا الاستقراء العلمي والبعيد عن الهوى والتعصب