فلتة ( أو فتنة ) وقى الله المسلمين شرها [1] فلم اختار من بعده عمر ، بل ولم جعلها عمر في ستة ؟ إن في ذلك نفي قاطع لوجود منهج مرسوم من قبل رسول الله صلى الله عليه وآله في اختيار خليفته ، وإلا لكان الجميع مخالفين قطعا له كما هو معلوم . وأما ما يذهب إليه البعض من أن تعيين الإمام أو الوصي يتم بواسطة مبدأ الشورى الذي يشير إليها قوله تعالى : [ وأمرهم شورى بينهم ] [2] وقوله تبارك وتعالى [ وشاورهم بالأمر ] [3] فإن قولهم هذا لا ينهض كحجة شرعية يعتد بها في نفي النص واعتماد الشورى ، لأن المشاورة هنا لا يراد بها قطعا مسألة الخلافة ، حيث يعد ضربا من المحال اتفاق آراء الأمة على فرد معين ، وفيها الجاهل والمنافق والمناوئ وغيرهم . كما لا عبرة بما يقال من حصر الأمة بثلة محددة تتشاور في هذا الأمر ، لأن هذا الحصر ينفي استقراء جميع آراء هذه الأمة ، مع ما فيه من المداخلات التي قد تخرج بالأمر عن مساره السليم . نعم فهل فاتك كيف رست سفينة الشورى التي أمر بها الخليفة عمر ابن الخطاب بعد أن طعن ، وفيها كما يعرف الجميع وجوه الصحابة وأعيانهم ، فدارت دوران الرحى على عثمان ، بعد أن فقدت أي مصداقية شرعية لها في القطع بصحة الاختيار لخضوع البعض منهم لهوى النفس ، ومحاباة ذلك
[1] صحيح البخاري 8 : 208 ( كتاب المحاربين ، باب رجم الحبلى من الزنا إذا أحصنت ) ، تأريخ الطبري 3 : 205 ، الكامل في التأريخ 2 : 327 ، تأريخ الخلفاء : 51 ، الرياض النضرة 1 : 237 ، الصواعق المحرقة : 18 ، النهاية لابن الأثير 3 : 467 ، البداية والنهاية 5 : 245 . [2] الشورى 42 : 38 . [3] آل عمران 3 : 159 .