ولذا فإن هذا الافتراض باطل لا يؤبه به لمخالفته الصريحة مع مفهوم العقيدة الاسلامية ، والسيرة الثابتة لرسول الله صلى الله عليه وآله ، وضرورة العقل لافتراضه تركه الأمة الاسلامية الفتية نهبة للاختلاف والمشاحنات والافتراضات المتضاربة ، وغرضا لطلاب الدنيا والسلطة ، واللاهثين خلف متعها الرخيصة الفانية ، مضافا إلى ما ثبت من عدم الوصول إلى قاعدة موحدة يمكن التسليم بصحتها . بيد أن خروج هذا التصور عن افتراض العقلاء لم يغن عن اعتقاد البعض بوقوعه ، بل والتصريح به ، كما افترض ذلك الدكتور أحمد أمين في كتابه الموسوم بفجر الاسلام ، حيث قال : توفي رسول الله صلى الله عليه وآله ولم يعين من يخلفه ، ولم يبين كيف يكون اختياره ، فواجه المسلمون أشق مسألة وأخطرها . . . [1] ! . كذا نجد من تذهب به المزاعم هذا المذهب الخطير من نسبة الاهمال والتقصير إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ، رغم القطع الثابت بأهمية الوصية وحساسيتها في استمرارية وديمومة الشريعة الاسلامية واتباعها من المسلمين ، بل وانتظام أمرهم حفظا لهم من التشتت والتبعثر . قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام : مكان القيم بالأمر مكان النظام من الخرز ، يجمعه ويضمه ، فإن انقطع النظام تفرق وذهب ، ثم لم يجتمع بحذافيره أبدا [2] . ثم إذا افترضنا أن الشارع الاسلامي قد حدد للأمة سبيل ومنهج اختيار الوصي والخليفة ، فإن من حق المرء أن يتساءل : أي منهج وضع للمسلمين هو ذلك الذي اعتمده الصحابة في إقرار هذا الأمر ؟