المتكررة صلى الله عليه وآله بوجوب الوصية على المسلم والتشديد على المفرط فيها . هذا إذا أدركنا أن المنية لم تعاجل رسول الله صلى الله عليه وآله بل امتد به مرض الموت أياما . فما معنى هذا التناقض بين الحالتين ! ثم ألا يثير في النفس الاستهجان مما يقوله الذاهبون إلى عدم وجوب الوصية ما يرويه مسلم في صحيحه بسنده عن ابن عمر ، من إنه قال : دخلت على حفصة فقالت : أعلمت أن أباك غير مستخلف ؟ قال : قلت : ما كان ليفعل . قالت : إنه فاعل . قال ابن عمر : فحلفت أني أكلمه في ذلك . فسكت ، حتى غدوت . ولم أكلمه . قال : فكنت كأنما أحمل بيميني جبلا . حتى رجعت فدخلت عليه ، فقلت له : إني سمعت الناس يقولون مقالة فآليت أن أقولها لك ، زعموا أنك غير مستخلف ، وأنه لو كان لك راعي إبل ، أو راعي غنم ثم جاءك وتركها رأيت أن قد ضيع ، فرعاية الناس أشد [1] . بل وما يروى عن عائشة أيضا في هذا المنحى من إرسالها إلى عمر عندما طعن : لا تدع أمة محمد بلا راع ، استخلف عليهم ، ولا تدعهم بعدك
[1] صحيح مسلم 3 : 1823 ( كتاب الإمارة ، باب الاستخلاف وتركه ) .