نام کتاب : الانحرافات الكبرى نویسنده : سعيد أيوب جلد : 1 صفحه : 344
فالطريق التي تنتهي بالإنسان إلى سعادته . أعني الإعتقادات والأعمال الخاصة المتوسطة بينه وبين سعادته . وهي التي تسمي بالدين وسنة الحياة . فتعينه حسب اقتضاء النظام العام الكوني والنظام الخاص الإنساني الذي نسميه الفطرة وتابعه لذلك . وهذا هو الذي يشير إليه تعالى بقوله : " فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها " [110] فسنة الحياة التي تنتهي بسالكها إلى السعادة الإنسانية طريقة متعينة يقتضيها النظام بالحق . وتكشف عنها تجهيزات وجوده بالحق . وهذا الحق هو القوانين الثابتة غير المتغيرة التي تحكم في النظام الكوني الذي أحد أجزائه النظام الإنساني . وتدبره وتسوقه إلى غاياته وهو الذي قضى به الله سبحانه فكان حتما مقضيا . فلو اتبع الحق أهواءهم . فاقتضى لهم من الشرع ما تجازف به أهواؤهم . لم يكن ذلك إلا بتغير أجزاء الكون عما هي عليه وتبدل العلل والأسباب غيرها . وتغير الروابط المنتظمة إلى روابط جزافية مختلة متدافعة توافق مقتضياتها ومجازفات أهوائهم . وفي ذلك فساد السماوات والأرض ومن فيهن في أنفسها والتدبير الجاري فيها . لأن كينونتها وتدبيرها مختلطان غير متمايزين . والخلق والأمر متصلان غير منفصلين [111] بين لهم أن أهل الأهواء يطالبون بتشريع ينسجم مع ما يهوونه من الإعتقاد والعمل وما يريدوه من الفحشاء والمنكر والفساد . وبما أن الهوى لا يقف عند حد ولا يستقر على قرار . فإنهم يريدون مع كل جيل كونا جديدا ينسجم مع حركتهم . وهذا خبر فطرة الوجود . ولكن طابور الأهواء في معسكر الانحراف وقف على حطام حججه التي حطمها الإسلام له . أمسك بذيول آبائه ليكمل مسيرة الانحراف حتى نهايتها . وبعد قيام الحجة عليه أوصى تعالى إلى رسوله : " ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون * إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض والله ولي المتقين " [112] قال المفسرون : أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وآله وسلم باتباع ما يوحي إليه من الدين وأن لا يتبع أهواء الجاهلين المخالفة للدين الحق . ويظهر من الآية . أن كل حكم عملي لم يستند