التأويلات ، وحملتموها على أبعد المحامل ، وأبيتم إلا الإيمان بما يقبله عقلكم لا بما تقتضيه تلك النصوص ، وخالفتم السلف الصالح في ذلك ، فارتكبتم من المخالفة ما يكون اسم الفسق معه أولى من غيره من المخالفات ، حتى بدع بعضكم بعضا وأطلق كل فريق منكم اسم الضلال على مخالفه ، فساويتم المبتدعة في جميع ما رميتموهم به من أنواع المخالفات ، فتخصيصكم إياهم باسم الفسق تحكم خارج عن مناهج الدليل ، فلم يبق إلا أن التفسيق بالبدعة باطل وأن رد الرواية بها غير معقول .
( فإن قيل ) : إنما حكمنا برد رواية المبتدعة لأنا وجدنا الكذب فيهم شائعا .
وقد حكى ابن لهيعة [1] : أنه سمع شيخا من الخوارج يقول بعد أن تاب : إن هذه الأحاديث دين فانظروا عمن تأخذوا دينكم ، فإنا كنا إذ هوينا أمرا صيرناه حديثا ، وكذلك أقر محرز أبو رجاء بعد أن تاب من بدعته بأنه كان يضع الأحاديث يدخل بها الناس في القدرة .
وقال علي بن حرب : من قدر أن لا يكتب الحديث إلا عن صاحب سنة فإنهم لا يكذبون ، كل صاحب هوى يكذب ولا يبالي [2] .
وقال أشهب : سئل مالك عن الرافضة فقال : لا تكلمهم ولا ترو عنهم فإنهم يكذبون [3] .
