وقال الذهبي في ترجمة أبان بن تغلب الكوفي من الميزان [1] : هو شيعي جلد لكنه صدوق ، فلنا صدقه وعليه بدعته ، وقد وثقه أحمد أحمد بن حنبل وابن معين وأبو حاتم وأورده ابن عدي وقال : كان غالبا في التشيع ، وقال السعدي : زائغ مجاهر ، فلقائل أن يقول : كيف ساغ توثيق مبتدع وحد الثقة العدالة والاتقان فكيف يكون عدلا من هو صاحب بدعة ، وجوابه أن البدعة على ضربين : فبدعة صغرى كغلو التشيع أو كالتشيع بلا غلو ولا تحرق ، فهذا كثير في التابعين مع الدين والورع والصدق فلو رد حديث هؤلاء لذهب جملة الآثار النبوية ، وهذه مفسدة بينة انتهى كلام الذهبي [2] .
وإيضاح المقام : إن رد الخبر إنما هو لكونه كذبا في حد ذاته لا لشئ آخر مضاف إلى الكذب ، كما أن قبوله إنما هو لصدقه في حد ذاته لا لشئ آخر مضاف إلى الصدق ، فلو حدث الثقة السني بالكذب فهو مردود عليه واتصافه بالعدالة والسنبة لا يصير كذبه صدقا ، كما أن الكذاب المبتدع إذا حدث بالصدق فخبره مقبول ، واتصافه بالكذب والبدعة لا يصير صدقه كذبا ، بل ذلك محال عقلا إلا أنه لما كان الوقوف على الحقيقة فيهما متعذرا في الغالب وجب الاكتفاء فيهما بالظن ، وهو يحصل باتصاف الراوي بالصدق أو اتصافه بالكذب ، فمن اتصف بالصدق حتى عرف به حصل الظن بصدق خبره ومن اتصف بالكذب وتكرر منه حصل الظن بكذب خبره ، ولما كان الباعث على اجتناب الكذب هو خوف الله تعالى بامتثال أو أمره واجتناب نواهيه كان ذلك الظن لا يحصل غالبا إلا بمن هذه صفته ، لأن من ليس له خوف يحجزه عن المحارم قد يجترئ
