وقد بين العلماء أن هذا النهى منسوخ بتلك الأحاديث التي أجازت الكتابة ، خاصة وان هذه التي أجازت كان في آخر حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - ، أو أن هذا النهى عام أريد به الخصوص ، بمعنى أنه قد يكون لأشخاص معينين ، أو في وقت معين ، أو في شئ معين .
ونجد من حيث الواقع كتابة بعض الصحابة للسنة في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، فعلي بن أبي طالب قد كتب صحيفة ، احتوت على الديات وفرائض الصدقة ، وحرم المدينة ، وغير ذلك من الأمور التي تكون كبيرة في تلك الصحيفة .
وكتب عمرو بن العاص صحيفته الصادقة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
وكتب الرسول - صلى الله عليه وسلم - التي دونت فيها الزكاة وغيرها تمثل مادة كتابية في عهده - صلى الله عليه وسلم - وهي كثيرة - كما يتبين من الكتب التي جمعتها ، ومن ذلك كتاب " الوثائق السياسية في العهد النبوي والخلافة الراشدة " للدكتور محمد حميد الله ، و " مكاتيب الرسول " - صلى الله عليه وسلم - للشيخ على الأحمدي .
وفى عصر الصحابة - رضوان الله عليهم - نجد هذه الصحيفة التي نقوم بنشرها الان .
ونسخة الأعرج عن أبي هريرة ، وبين هذه النسخة ونسخة همام تشابه كبير يشعر بان سماعهما من أبي هريرة في جلسة واحدة أو جلسات معا ، وكذلك كتابتهما [1] مما يبين أن أبا هريرة لم يخص هماما بالكتابة .
وصحيفة أبى الزبير عن جابر بن عبد الله ، قال الليث بن سعد : قدمت مكة ، فجئت أبا الزبير ، فدفع إلى كتابين ، وانقلبت بهما ، ثم قلت في نفسي : لو عاودته فسألته : أسمع هذا كله من جابر ؟ فرجعت فسألته فقال : منه ما سمعت ، ومنه ما حدثت عنه ، فقلت له : أعلم لي على ما سمعت فأعلم لي على هذا الذي عندي [2] .