صلاة الفجر . فذهب الناس يبشروننا ، فذهب قبل صاحبي مبشرون ، وركض رجل فرسا ، وسعى ساع من أسلم قبلي وأوفى على الجبل فكان الصوت أسرع من الفرس ، فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني نزعت له ثوبي فكسوتهما إياه ببشارته ، والله ما أملك غيرهما يومئذ ، واستعرت ثوبين فلبستهما وانطلقت أتأمم رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلقاني الناس فوجا فوجا يهنئوني بالتوبة ، ويقولون لي لتهنك توبة الله عليك ، حتى دخلت المسجد فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس حوله الناس ، فقام طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه يهرول حتى صافحني وهنأني ، والله ما قام رجل من المهاجرين غيره ، فكان كعب لا ينساها لطلحة .
قال كعب : فلما سلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو يبرق وجهه من السرور : " أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك ! " فقلت : أمن عندك يا رسول الله أم من عند الله ؟
قال : " لا بل من عند الله عز وجل " وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سر استنار وجهه حتى كأن وجهه قطعة قمر ، وكنا نعرف ذلك منه . فلما جلست بين يديه قلت : يا رسول الله إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى ا لله وإلى رسوله . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك " فقلت : إني أمسك سهمي الذي بخيبر ، وقلت : يا رسول الله إن الله تعالى إنما أنجاني بالصدق وإن من توبتي أن لا أحدث إلا صدقا ما بقيت ، فوالله ما علمت أحدا من المسلمين أبلاه الله تعالى في صدق الحديث منذ ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن مما أبلاني الله تعالى ، والله ما تعمدت كذبة منذ قلت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومي هذا وإني لأرجو أن يحفظني الله تعالى فيما بقي ، قال : فأنزل الله تعالى ( التوبة 117 ، 118 ، 119 ) : * ( لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة ) * حتى بلغ * ( إنه بهم