نام کتاب : العمر والشيب نویسنده : ابن أبي الدنيا جلد : 1 صفحه : 31
أنني عدلت عن هذا المنهج النقدي الواسع لو عروته وعدم ضرورته في غير الأحاديث المرفوعة . كما أن هذه الآثار والأشعار إنما يرفع من قيمتها العلمية ، ويطمئن نفوس الباحثين إليها كونها جاءت مسندة موصولة . ولا شك أن منهج المحدثين معيارهم في القبول والرد اقتضى وضع شروط وموازين حازمة وصارمة ، وهي ضرورية لنقد الأحاديث وفرزها وتمييزها لمعرفة صحيحها من سقيمها ، وموصولها من مرسلها ، ومرفوعها من موقوفها ، وكشف عللها وآفاقها . وهذا المنهج لا تصمد أمامه الآثار ، والمرويات التاريخية ، والنصوص الزهدية ، والتربوية ، والمقاطيع الشعرية . فإنه قد وقع التساهل عند السلف في رواية وتناقل مثل هذه الأنواع من المرويات ، ولم يتشددوا في قبولها وروايتها . وقد وقفت على كلام نفيس جدا لشيخ الإسلام ابن تيمية نسوقه بنصه لجلالته وأهميته . يقول الإمام ابن تيمية : " قول أحمد بن حنبل : إذا جاء الحلال والحرام شددنا في الأسانيد ، وإذا جاء الترغيب والترهيب تساهلنا في الأسانيد ، وكذلك ما عليه العلماء من العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال ، ليس معناه إثبات الاستحباب بالحديث الذي لا يحتج به ، فإن الاستحباب حكم شرعي فلا يثبت إلا بدليل شرعي . ومن أخبر عن الله أنه يحب عملا من الأعمال من غير دليل شرعي فقد شرع من الدين ما لم يأذن به الله ، كما أو أثبت الإيجاب أو التحريم ، ولهذا يختلف العلماء في الاستحباب كما يتخلفون في غيره ، بل هو أصل الدين المشروع . وإنما مرادهم بذلك : أن يكون العمل مما قد ثبت أنه مما يحبه الله ، أو مما يكرهه الله بنص أو إجماع ، كتلاوة القرآن ، والتسبيح ، والدعاء ، والصدقة ، والعتق ،
نام کتاب : العمر والشيب نویسنده : ابن أبي الدنيا جلد : 1 صفحه : 31