المرآة التي تستقبل الصورة ، فإنها قد لا تكون على درجة مرضية من الصفاء ، وقد تعاني من بعض التلوثات ، أو الندوب والتعرجات التي تمنع من استقبالها بصورة سليمة . .
غير أن هذه الفطرة ، تستمر في الكمون . . إلى أن يملك الإنسان قراره واختياره ، بعد أن زوده الله بالهدايات ، ومنها : العقل ، ليكون مرشداً وهادياً له . . ثم يوجه إليه الخطاب الإلهي ، ويصبح مكلفاً بإصلاح نفسه ، وتصفيتها لتتمكن الفطرة من ممارسة دورها ، حتى لا تعيقها تلك التشوهات ، ولا تعمي عليها طريقها هاتيك التلوثات . فإنه بجلاء هذه المرآة تصبح الفطرة قادرة على التألق ، وعلى التعبير عن نفسها بصورة أتم وأبهى . .
وحيث يكون الله سبحانه قد هيأ لهذا الإنسان القدرة على التصرف في كل اتجاه ، وأعطاه الاختيار والإرادة ، فقد يبادر هذا الإنسان باختياره إلى الاعتداء على فطرته وتشويهها ، وإلحاق الأضرار الفادحة بها ، بل والقضاء على منجزاتها ، وإبطال كل جهودها ومصادرة دورها ، ومنعها من التأثير في صنع خصائصه ، وإفساح المجال لتأثير ما عداها بها ، وإخضاعها لإرادات الآخرين . . وقد ورد عن النبي [ صلى الله عليه وآله ] : كل مولود يولد على الفطرة إنما أبواه يهوّدانه أو ينصّرانه ، أو يمجّسانه [1] .
وبذلك يكون قد تسبب في حجب الفيض الإلهي عنه ، حيث يوكل إلى نفسه ، وتحل به الكارثة . .
