وتارة يتعلق الخلق بالهيئة فقط ، كما في قوله : * ( أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ . . ) * [1] وكذا الآيات التي أشارت إلى تطورات الخلق في مراحله كقوله تعالى : * ( وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ ) * [2] ونحوها . حيث تظهر أن الخلق قد أتى بصورة تدريجية ، وفقاً لما تفرضه الحكمة في التطوير المناسب لحاله ، واستعدادته التي تتنامى ، فتحتاج إلى الصور التي تناسبها في كل حال من تلك الأحوال . .
وقد ألمحت آية أخرى إلى أن التخليق هو إيجاد هذه الأشكال والهيئات ، وذلك في قوله تعالى : * ( ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ ) * [3] .
ثم اعتبر تعالى نفخ الروح في الإنسان إنشاءً لخلق آخر فقال في آية أخرى : * ( ثُمَّ أَنْشَأنَاهُ خَلْقاً آخَرَ ) * [4] .
وحين يتعلق الخلق بالهيئات ، فإن ذلك لا ينحصر بالله سبحانه ، ولأجل ذلك نسب الله الخلق للنبي عيسى [ عليه السلام ] في سورة آل عمران ، كما أنه تعالى في سورة المؤمنين بعد ذكر مراحل نشوء الإنسان ، قال : * ( فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ) * [5] . في إشارة إلى أن الله هو أحسن المصورين ، الذين يتصدون لإعطاء الهيئات .
وفي هذا إشارة إلى أن الخلق بمعنى التصوير يصح إطلاقه على الله
