الذي يحمل في داخله الأمان والسلام ، ليزرعه وليثمر عزاً وقوة ، وخيراً وبركة ، وسمواً ونبلاً ، . .
وهكذا يتضح أن هذا التوحيد في العبادة ، والانطلاق إلى الله سبحانه في رحاب الجماعة بعد أن تسقط جميع الحواجز والموانع والحدود الفردية ، إن هذا - ولا شك - يفتح أمام هذا الإنسان آفاقاً رحبة ، تدعوه إلى الانسياب فيها ، والانفتاح على كل ما تحتضنه في داخلها ، ليتصل هذا الفرد بكل ما هو خارج حدود فرديته ، ليصبح بحجم الإنسان كله ، وبمستوى الإنسانية كلها .
وينطلق كادحاً إلى ربه ، وإليه فقط دون كل ما سواه ، تاركاً أفقه الضيق والمحدود ، ليستقبل الأفق الأرحب في ملكوت الله ويهوِّم في رحابه اللامتناهية . سعيداً بما استطاع أن يحصل عليه من مزايا إنسانية ، سعيد بدرجات القرب من الله تعالى . وبما أكرمه الله به * ( يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ ) * [1] .
فهذا التوحيد في العبادة والأفعال قد جعل هذا الإنسان أوسع أفقاً وأرحب فكراً ، وأكثر وعياً للحياة ، وسوف ينتج ذلك مزيداً من التأمل والفكر ، ثم العمل الجاد الذي يكون في مستوى هذه النظرة الشمولية والواعية .
