فلا يصغي إلى ما ربما يقال مرة : إنه تعالى عالم بجميع المعلومات ، ووقوع الشيء على خلاف علمه يقتضي انقلاب علمه جهلا ، وذلك محال والمؤدي إلى المحال محال ، وأخرى أنّ قدرة العبد إن كانت معينة لأحد الطرفين فالجبر لازم وإن كانت حاصلة لهما فمع المرجح إن كان من العبد عاد التقسيم فيه ويتسلسل ، أو اللَّه فيلزم عليكم ما ألزمتمونا ، ومع عدمه لا يمكن حصول الفعل ، مع أن الرجحان حينئذ اتفاقي ، فيعود الجبر .
إذ الوجهان في غاية الضعف وإن استصعبهما بعض الأعلام ، للمنع من كون العلم علة للمعلوم أو مؤثرا فيه بوجه سيّما في العلم الذاتي الذي لا تعلق فيه أصلا ، وقدرة العبد صالحة للطرفين بالضرورة الوجدانية ، والاختيار هو المرجّح لأحدهما ، والعبد إنما يفعل الإرادة ويحدثها بنفسها لا بإرادة حادثة قبلها حتى يلزم التسلسل أو الانتهاء إلى الواجب حسب ما تسمع تمام الكلام في الموضع اللائق به إن شاء اللَّه .
نعم ، من بعض أهل التشكيك في مقام الاستعاذة شكوك واهية :
منها : أن المطلوب من قولك « أعوذ باللَّه من الشيطان الرجيم » ، إنما أن يمنع اللَّه الشيطان من عمل الوسوسة بالنهي والتحذير ، أو على سبيل القهر والجبر .
أما الأول فهو حاصل منه وتحصيله بالطلب محال لأنه تحصيل للحاصل ، والثاني باطل لأنه ينافي التكليف الذي دل الدليل على ثبوته ، ولو بالنسبة إلى الشياطين .
ومنها : أن اللَّه تعالى إن أراد إصلاح حال العبد فالشيطان غير قادر على إغوائه وإلَّا فلا يفيد الاعتصام أيضا .
ومنها : أن صدور الوسوسة من الشيطان إن كان بواسطة شيطان آخر