الإمكانية الَّتي تساوق العبوديّة فليس غلوّا في شيء ، ولذا بيّن الغلو بتشبيهه بغلوّ النصارى القائلين بالحلول والاتّحاد والتثليث وإضافة النبوّة إلى النبوّة ، وذلك لقصور أنظارهم وضيق صدورهم عن ملاحظة ما منّ اللَّه تعالى على أوليائه من التّصرف في الملك والملكوت مع أنّ الأمر كله بيده سبحانه وحده لا شريك له حسب ما سمعت .
ومن هنا يعلم أنّ الأخبار الناهية عن الغلوّ محمولة على المعاني الثلاثة المتقدّمة كما هو معلوم من حال عبد اللَّه بن سبا « 1 » أوّل الغلاة المذكور حاله في الرجال .
وفي بصائر الدرجات وكتاب الدلائل للحميري عن إسماعيل بن عبد العزيز قال : قال لي أبو عبد اللَّه عليه السّلام : يا إسماعيل ضع لي للمتوضّأ ماء قال : فقمت فوضعت له فدخل فقلت في نفسي : أنا أقول فيه كذا وكذا ويدخل المتوضّأ ويتوضّأ .
قال فلم يلبث أن خرج ، فقال : يا إسماعيل لا ترفع البناء فوق طاقته فينهدم اجعلونا مخلوقين وقولوا فينا ما شئتم ولن تبلغوا ، فقال إسماعيل وكنت أقول إنّه هو وأقول وأقول « 2 » .
أقول : قيل : المراد أنّه الربّ تعالى اللَّه عن ذلك ، وأقول أي لم أرجع بعد عن هذا القول ، أو المعنى كنت مصرّا على هذا القول .
وفي حديث الأربعمائة عن مولينا أمير المؤمنين عليه السّلام : إيّاكم والغلوّ فينا فإنّا