وخضرته دائمة ينمو حتى يكون شجرا عظيما ، ويسمّى بالفارسيّة « مورد » له زهر بيضاء طيبة الرائحة ، وثمره سوداء ، طعمها مركّب من حلاوة وعفوصة وقليل مرارة كذا ذكره سديد الكاذروني في شرح الموجز .
وذلك أنّ هذه الهداية في عالم الأرواح ، بل في صقع الأظَّلة والأشباح خضرة نضرة ، دائمة بالديمومة الدهريّة الَّتي هي نقطة محدودة في عالم السرمد ، ومنبت هذه الشجرة أرض فارس الَّتي هي مادّة المواد ومجمع التضادّ لكمال الاستعداد والتهيّؤ لنيل المراد ، ولذا لو كان الإيمان منوطا بالثريا لتناوله رجال من فارس « 1 » كما ورد عنهم عليهم السّلام في تفسير قوله تعالى : * ( وآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ ) * « 2 » .
ومنها : نصب الدلائل وإقامة الحجج وإراءة الطريق الموصل إلى الحقّ في هذا العالم الجسماني الظلماني الذي امتزج فيه الحقّ بالباطل ، والصدق بالكذب لأنّه ملتقى الأبخرة الصاعدة من سجّين ، والرشحات النافلة من عليّين ، فهو مجمع البحرين وملتقى التطنجين ، والمنزلة بين المنزلتين ، والبرزخ بين العين والغين .
ولذا خلق الإنسان فيه من نطفة أمشاج ، وانحرفت طبيعته عن الاعتدال الحقيقي في المزاج ، وإن كان هو أقرب إلى الاعتدال من ساير الأزواج ، ولذا خصّ بمزايا بين البرايا ، ومن هنا قالوا : إنّ عطاياهم لا تحملها إلَّا قطاياهم .
وتلك الدلائل المنصوبة المعبّر عنها بإراءة الطريق منصوبة أوّلا في عالم