responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الصراط المستقيم نویسنده : السيد حسين البروجردي    جلد : 3  صفحه : 549


فمنها الهداية التكوينيّة السارية في جميع ذرأت العالم على الوجه الأتم لا يشذّ عن حكمه شيء من العمق الأكبر وهو سرّ الحقيقة ومفتاح الطريقة ، وبحر القدر الذي من غرق فيه فقد كفر ، وإليه الإشارة بقول أمير المؤمنين عليه السّلام حيث سئل عنه : بحر عميق فلا تلجوه ، طريق مظلم فلا تسلكوه ، سرّ اللَّه فلا تتكلَّفوه « 1 » .
وهو المشار إليه بقوله تعالى : * ( الَّذِي قَدَّرَ فَهَدى ) * « 2 » وبقوله : * ( رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَه ثُمَّ هَدى ) * « 3 » .
وهذه الهداية كانت في أرض الإمكان قبل خلق الأكوان والأزمان ، وهي الأرض الجرز الَّتي ساق اللَّه إليه ماء الوجود الذي أخرج اللَّه به زرعا تأكل منه أنعامهم وأنفسهم ، ( بضم الفاء أو بفتحها ) ، فإنّ البدن مركب الروح ، وهو أنفس من البدن ، والقلب أنفس من القالب ، ورسول اللَّه أنفس من ساير الخلق ، ولذا قرأ الإمام عليه السّلام بفتح الفاء في قوله تعالى : * ( لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ ) * « 4 » .
وهي الهداية المكتوبة على جميع ذرّات الكائنات من المجردات والماديّات ، السعداء والأشقياء في الذرّ الأوّل ، فاهتدوا أوّلا إلى قبول الوجود وهو الإيجاد بالاختيار والشعور ، ثمّ إلى قبول الاستعدادات والقابليّات والشؤون الصلوحيّة الاختياريّة .
وإنّما كان هذا بعد عرض جميع مراتب الكون على كلّ شيء فاختار كل شيء شيئا ، فخلقهم كما كانوا لعلمهم بما كانوا أي تكونوا واختاروا في رتبة الانوجاد والقبول لأنفسهم ، فلا جبر في الإيجاد والتكوين ، ولا إكراه في الدين ،


( 1 ) نهج البلاغة باب المختار من حكم أمير المؤمنين عليه السّلام رقم 287 . ( 2 ) الأعلى : 3 . ( 3 ) طه : 50 . ( 4 ) التوبة : 128 .

نام کتاب : تفسير الصراط المستقيم نویسنده : السيد حسين البروجردي    جلد : 3  صفحه : 549
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست