responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الصراط المستقيم نویسنده : السيد حسين البروجردي    جلد : 3  صفحه : 504


الكليّة وبابيّته المطلقة ، وهيمنته على من سواه .
فالنظر في « إِيَّاكَ نَعْبُدُ » من المعبود إلى العبادة بحيث لا يرى العبادة إلَّا ويرى اللَّه قبلها ، وفي نعبدك من العبادة إلى المعبود ، فمن كان نظره إلى المعبود فقد فاز بالسعادة ، ومن كان نظره إلى العبادة فقد احتجب عن المعبود بالعبادة ، فإنّ العبادة من أعظم الحجب النورانيّة الَّتي بين العابد والمعبود ، كما ورد : « إنّ للَّه سبعين ألف حجاب من نور وظلمة ، لو كشفها لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره « 1 » .
فالحجب غير منحصرة في الظلمانيّة الهيولانيّة الغاسقة ، بل منها حجاب العلم ، وحجاب المعرفة ، وحجاب المحبّة ، وحجاب العبادة ، وكلها من سبحات حجاب الذات الذي هو أعظم الحجب كما قيل :
فقلت وما أذنبت قالت مجيبة * وجودك ذنب لا يقاس به ذنب فلا بدّ أن يكون النظر عند كلّ شأن من شؤون العبوديّة أو الربوبيّة إلى المبدأ الأعلى الذي هو المقصد الأسنى .
ولذا قيل : من كان نظره في وقت النعمة إلى المنعم لا إلى النعمة كان نظره عند البلاء إلى المبلي لا إلى البلاء ، فيكون جميع حالاته فريقا ملاحظة الحقّ ، متوجّها إلى الحبيب المطلق ، وهذه أعلى درجات السعادة ، ومعه يحصل الأنس باللَّه والفرار عمّا سواه فيتحقّق بحقيقة الزهد المجتمعة في كلمتين من القرآن : * ( لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ ولا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ ) * « 2 » .
ولأنّ في تقديم المعبود الحقّ إقناطا كليّا لإبليس وغيره ممّا يعبد من دون اللَّه من وقوع عبادته لغيره تعالى استقلالا أو تشريكا ، سيّما مع إشعاره من أجل


( 1 ) بحار الأنوار : ج 55 / 45 باب 5 . ( 2 ) الحديد : 23 .

نام کتاب : تفسير الصراط المستقيم نویسنده : السيد حسين البروجردي    جلد : 3  صفحه : 504
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست