زمانيا لسبقه على الزّمان بل الزّمان الَّذي ليس له أوّل ولا آخر زمانيّ بالنّسبة إلى عالم الدّهر كحلقة ملقاة في فلاة قيّ وكذلك الثالث قديم دهريّ والنّسبة ما سمعت ، وتوهّم أنّ العالم كلَّه بجميع أجزائه حادث زمانيّ أي مسبوق بالزّمان نظرا إلى إنّه الظَّاهر من الأدلَّة الشّرعيّة والمتحصّل من مذهب المتشرّعة ممّا يقضى ببطلانه ضرورة الوجدان ، فإنّ من جملة أجزاء العالم هو الزّمان ، وكيف يتعقّل كونه مسبوقا بعدم زماني ضرورة أنّه يلزم من فرض عدمه تحقّق وجوده ، بل كيف يتصوّر حدوث السّرادقات الدّهريّة والسّرمديّة في الزّمان مسبوقة به ، مع أنّه لا يصحّ نسبتها إلى الزّمان أصلا ألا ترى أنّ الاعداد والنّسب المقداريّة الَّتي بينها بل جميع لوازمها كزوجيّة الاثنين وكونه نصف الأربعة مثلا من جملة المحدثات ، ومن أجزاء العالم مع أنّه لا يصحّ نسبتها إلى الزّمان أصلا بأن يقال إنّما خلقت منذ ألف سنة أو أزيد أو أقلّ .
وتوهّم كونها من الأمور الاعتباريّة الَّتي لا وجود لها في الخارج كما ترى ، لضرورة أن لا تمايز في الاعدام وسيجئ تمام الكلام عند قوله تعالى : * ( بَدِيعُ السَّماواتِ والأَرْضِ ) * « 1 » وقوله : * ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ والأَرْضِ ) * ، الآية « 2 » .
وأمّا دلالتها على افتقار الممكنات إلى المبقي فالإنصاف أنّه لا دلالة في الآية عليه بوجه فإنّ الظَّاهر من التّربية حسب ما صرّحوا به تبليغ الشّيء إلى كماله ، والتّبليغ إلى الكمال إنّما هو بإفاضة المفقود لا بإبقاء الموجود ، إلَّا أن يقال إنّ الإبقاء أيضا من الأوّل ، لأنّ البقاء في الآن الثّاني غير موجود في الآن الأوّل ، أو أنّ التّربية لا تكون إلَّا حال البقاء فتوقّف عليه فتأمّل ، فإنّه لا يستفاد من افتقاره إلى المربي