المنصوبة في كل ناحية معينة من المملكة لاتصال خبر مخصوص لا مشارك له .
ثم القوى الخمس الباطنة للنفس الناطقة ثلاثة منها كالندماء والحجاب والخواص المطلعة على أسرار الملك وهي المتخيلة في مقدم الدماغ ، والمفكّرة في وسطه ، والحافظة في آخره .
والرابعة وهي الناطقة كالترجمان المعبّر عما في ضمير الملك .
والخامسة وهي العاقلة كالوزير المدبر لأمر المملكة وسياسة الرعية .
وهذه القوى متفاوتة في إتمام أمر الملك ، فالمتخيلة تأخذ صور المحسوسات من الحواس الظاهرة ويسلَّمها للمفكّرة التي يتصرّف فيها ويميّز بين الحق والباطل ويسلَّمها إلى الحافظة ليأخذ منها الذاكرة ، ويظهرها الناطقة بعبارة توافق إرادة النفس لتستعلمها العاقلة في أعمالها المذكورة .
إلى غير ذلك من وجوه المطابقة والموافقة ، لكنها مع ابتنائها على بعض المناسبات كما ترى لا يخلو جملة منها من بعض التكلف .
والذي ينبغي أن يقال في المراد بهذا التطبيق مع عدم المنع عما ذكر ، سيما مع ورود بعض النصوص به : أنّ الإنسان وإن كان من حيث حقيقته ونورانيته وملكوته سابقا على الأشياء كلها في رتبة الوجود إلَّا أنّه في عالم الناسوت متأخّر عنها جميعا ، إذا الحقائق الملكوتية يتأخر عنها في الناسوت ما كان مقدّما منها في الملكوت كتأخّر ظهور الثمرة عن كينونة الشجرة مع أنها الأصل والمادة للشجرة ، وتأخر خاتم الأنبياء صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم عن سائرهم مع أنه كان نبيا وآدم بين الماء والطين ، بل آدم ومن دونه تحت لوائه ، وكلهم خلقوا من أشعة نوره ، وفاضل ظهوره ، وتأخر إفاضة الأرواح عن خلق الأبدان مع أنّ اللَّه تعالى خلق الأرواح قبل الأبدان بأربعة آلاف عام أو سبعين ألف عام ، فلمّا خلق اللَّه سبحانه كليّات العوالم مبتدأ بالأعلى الأصفى الألطف الأشرف إلى أن انتهى الأمر إلى الأسفل الأكثف خلق الإنسان في أنزل