والحضور فلا بد للعبد أن يسلك في عبادته هذا المسلك الذي هو التشبه بالرب والتسلك على القوتين .
ولذلك قال عليه السّلام بعد ذلك : « وتفسير العبودية بذل الكلية وسبب ذلك منع النفس عما تهوى وحملها على ما تكره ومفتاج ذلك ترك الراحة وحب العزلة وطريقة الافتقار إلى اللَّه عزّ وجل ، قال رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم : أعبد اللَّه كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك » « 1 » . « 2 » أقول : هو رحمة اللَّه وإن أجاد فيما أفاد لكنه لم يأت بتمام المراد ، فالتحقيق أن يقال : إن المراد بالربوبية إذ هو الربوبية إذ مربوب التي هي من مراتب الفعل حسب ما مرت إليه الإشارة .
وبالعبودية هي القيام بجميع وظائف الانقياد والطاعة في جميع نشأت الوجود بحيث لا يحصل له الفتور في شيء من العبادات القلبية والقالبية ، بل ولا في شيء من التوجهات الإقبالية العلمية والعملية على ما هو مقتضى الولاية الكلية ولاستقامة في الطريقة الإلهية إلى أن يتحقق في مقام الولاية التي هي الإحاطة والتصرف في الملك والملكوت بإذن اللَّه بعد إجابة نداء :
« عبدي أطعني فكن مثلي » « 3 » حيث إنه قد وصل حينئذ إلى درجة المحبة وصار محبوبا للَّه سبحانه « فإذا أحبه كان سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، إن دعاه أجابه ، وإن سأله أعطاه « 4 » ، بل قد يمزج بالمحبة لحمه ودمه
