بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون .
وإنما نال ما نال من القرب والكرامة بحقيقة العبودية التي أركانها ثلاثة :
فالعين علمه باللَّه « 1 » ، لأنه نفس العلم الفعلي المخلوق الواقع على المعلوم المشار إليه بقوله : فلما خلق الأشياء وقع العلم منه على المعلوم ، والسمع على المسموع ، والبصر على المبصر « 2 » .
والباء : بونه عن الخلق وانقطاعه عنهم ، لعلمه بأنهم لا يملكون له نفعا ولا ضرا ، وبأنهم فقراء محتاجون أذلاء ، فكيف يسأل محتاج محتاجا ، وأنى يفزع معدوم إلى معدوم .
وبينونة العالي سيما الواقف « 3 » على التطنجين ، والناظر في المشرقين عن السافل بينونة صفة وافتقار ، لا بينونة عزلة وانقطاع ، فإن له قوسي الإقبال والإدبار ، وصفتي الاستفاضة والإفاضة .
والدال دنوه من الخلق لأنه باب حطة الوجود ، وأول عابد للمعبود * ( قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ ) * « 4 » ، وهذه الأركان قد أشار إليها الصادق عليه السّلام « 5 » .