ولذا فسّر مولانا الصادق عليه السّلام العبد بقوله : « العين علمه باللَّه ، والباء : بعده عن غيره ، والدال : دنّوه منه » « 1 » .
فيتحصّل من العلم الجهل ، ومن القرب البعد ، وهذا معنى فرعيّة الماهية للوجود وترتبها عليه ، بل وتأخر خلقة الجهل عن العقل كما في الخبر ، وكذا تأخر خلقة الطينة الخبيثة من الطيّبة ، بل ترتب كل متأخر على المتقدم وفرعية له ، وذلك قوله * ( ومِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ ) * « 2 » ، * ( هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ ) * « 3 » .
وقول مولانا أمير المؤمنين عليه السّلام في خطبته : « بمضادّته بين الأمور عرف أن لا ضد له ، وبمقارنته بين الأشياء عرف أن لا قرين له » « 4 » .
فالماهية زوج الوجود وظلَّه ولباسه وضده ، وهي جهة توجه الشيء إلى نفسه ، كما أن الوجود توجهه إلى ربه ، وهو جهة فقره إلى اللَّه ، وبفقره إليه استغنى من غيره ، قال اللَّه تعالى : * ( يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللَّه ) * « 5 » .
وقال النبي صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم : « الفقر فخري وبه أفتخر على الأنبياء » « 6 » .
والماهية جهة استغنائه الذي صار سببا لفقره وافتقاره ، وهذا الفقر هو سواد الوجه في الدارين ، لتوجه الوجه معه إلى الظلمة لا إلى النور * ( اللَّه وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ ) * « 7 » ظلمة العدم ، وظلمة الجهل ، وظلمة الكفر والشرك والعصيان * ( إِلَى النُّورِ ) * . نور العبودية ، وهو نور ولاية مولانا أمير المؤمنين الذي هو المنهج القويم والصراط المستقيم ، * ( والَّذِينَ كَفَرُوا ) * كفر الجهل أو الجحود أو