بكلّ اسم سمّيت به نفسك ، أو أنزلته في كتابك ، أو علَّمته أحدا من عبادك ، أو إستاثرك به في علم غيبك « 1 » .
فلو حصل له هذا الاسم ، مع ما تقرّر أنّ مثل هذا يكون أجلّ الأسماء وأشرفها وأكملها لكمال مطابقة الذّات واختصاصه بكمال الدّلالة عليها دون تضمّنه معنى آخر يوهم اشتراكا أو يفهم تعدّدا أو كثرة أو غير ذلك ، لم يحتج في دعائه إلى هذه التّقاسيم .
وأمّا ما يقال من أنّ جماعة من عباد اللَّه عرفوا أسماء للحقّ تصرّفوا بها في كثير من الأمور وكانوا يدعون الحقّ بذلك فلم يتأخر إجابته إيّاهم فيما سئلوا كما دعا بلعم على موسى على نبيّنا وآله وعليه السّلام وعلى قومه حتّى ماتوا في التيّه بعد أن بقوا فيه حيارى ما شاء اللَّه من السّنين ، مع أنّه كان من الغاوين فلم يكن إلَّا لخاصيّة الاسم .
ففيه إنّا لا نمنع أن يكون للَّه أسماء يتصرّف بها في عالم الأكوان لكنّ المقصود منع دلالته على ذات الحقّ بالمطابقة التّامّة وأين هذا من ذاك .
وثانيا بأنّ التّعريف الواصل إلينا من الحقّ بهذا الاسم لا يمكن أن يكون بدون واسطة أصلا كما قال عزّ من قائل : * ( وما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَه اللَّه إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِه ما يَشاءُ ) * « 2 » مع أنّ أقلّ ما يتوقّف عليه الخطاب حجاب واحد وهو نسبة المخاطبة الحاصلة بين المخاطب والمخاطب ، والخطاب من احكام التّجلى ولوازمه ، والتّجلى لا يكون إلَّا في مظهر يتبعه احكامه فينصبغ بحكم ما يصل إليه ويمرّ عليه والمخاطب مقيد باستعداد خاصّ ومرتبة