على أن المقصود من إرسال الرسل وإنزال الكتب إنما هو القرب والوصال ودوام الاتصال .
بل المقصود من جميع ذلك هو الوصل والإيصال ، وهو باطن النبوة وسر الولاية .
وعن ابن العربي فيما سماه ب « الفتوحات » : إن في الحروف مراتب خمس :
الخاصة وهي الفواتح المقطعات ، وخاصة الخاصة وهي حروف أوائل السور ، والخلاصة وهي أواخر السور ، وصفاء الخلاصة وهي حروف البسملة ، وعين صفاء الخلاصة وهي الباء ، ولها رتبه التقدم على ساير الحروف ، ولذا وقعت أول البسملة في كل سورة ، بل في سورة براءة أيضا ، وإن لم تفتتح بالبسملة .
بل ذكر أنه قال له واحد من أحبار بني إسرائيل : ليس لكم حظ من التوحيد ، فإنه قد افتتحت كتابكم بحرف الباء الدالة على الاثنينية فأجابه : بأن التوراة أيضا كذلك لافتتاحها بقوله : بشيم أردناي « 1 » .
مع أنه لا يتحقق حقيقة التوحيد إلا بهذا الحرف النائب عن الألف التي يمتنع الافتتاح بها ، وكأنه أشار إلى التعين الأول والثاني ، كما قيل ، بل إلى مقام الفعل والمفعول المطلق .
