وذلك لما نبّهت عليه في موضع آخر من أنّ السين من الحروف النورانية وهي نظير الألف في الترتيب الأبجدي ، والألف إشارة إلى الصادر الأوّل الذي هو مقام الفعل أي المشيئة الكلية ، أو المفعول المطلق ، أي العقل الكلي ، وهو على الوجهين نور محمد صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم ، وهذا من جهة البساطة والوجه الإقبالي والإستفاضي الجبروتي فيتجلى في عالم الناسوت ، وفي الوجه الإدباري الإفاضي بصورة السين التي زبرها مطابق لبيّنتها تنبيها على أنه لا يشغله شأن الاستفاضة عن شأن الإفاضة ، وأنه في غاية الكمال والاستواء فيهما وأنه مظهر العدل الذي به قامت السماوات والأرض وهو أمر اللَّه الفعلي الذي أشير إليه بقوله : * ( ومِنْ آياتِه أَنْ تَقُومَ السَّماءُ والأَرْضُ بِأَمْرِه ) * « 1 » والمراد به نبينا صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم كما ورد في تفسير قوله تعالى :
* ( إِنَّ اللَّه يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ والإِحْسانِ وإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى ويَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ والْمُنْكَرِ والْبَغْيِ ) * « 2 » .
إن العدل هو النبي صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم ، والإحسان أمير المؤمنين عليه السّلام ، والثلاثة الثلاثة أبو الدواهي وأبو الشرور والملاهي .
ومن ذاق من لذائذ ثمار أسرار الحروف يعلم أن بيّنة ( عدل ) موافق لبيّنة ( محمد ) صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم إذ كل منهما اثنان وثلاثون ومائة .
هكذا : بيّنة ( عدل ) ي - ن - أ - ل - أ - م 10 50 1 30 1 40 وبينة ( محمد ) ي - م - أ - ي - م - أ - ل 10 40 1 10 40 1 30
