[ سورة المطففين ( 83 ) : آية 1 ] بِسْمِ اللَّه الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ ( 1 ) قوله تعالى : وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ [ 1 ] قال : هم المنافقون ومن تخلق بأخلاقهم ، يطففون في صلاتهم ، كما قال سليمان رضي اللَّه عنه : الصلاة مكيال ، فمن وفى وفي له ، ومن طفف فقد علمتم ما قال اللَّه تعالى في حق المطففين : أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ [ البقرة : 44 ] وتغمزونهم على ما عثروا عليه من عيوب الناس ، وترتكبون مثلها وأفظع منها « 1 » . ولا يطلع على عثرات الخلق إلا مخطئ جاهل ، ولا يهتك سر ما اطلع عليه إلا ملعون « 2 » . ولقد حكي أن اللَّه تعالى أوحى إلى داود عليه السلام : أشكو إليك عبادي يا داود . فقال : ولم يا رب ؟ قال : لأنهم يذنبون في السر ويتوبون في العلانية ، وإني لا أريد أن يطلع غيري على ذنب عبدي .
[ سورة المطففين ( 83 ) : آية 15 ]
[ سورة المطففين ( 83 ) : آية 15 ] كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ( 15 ) وقال عمر ابن واصل : سألت سهلا عن قوله تعالى : كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ [ 15 ] قال : هم في الدنيا محجوبون عن الآمر والزاجر ، كما روي في الخبر : طوبى لمن كان له من قلبه واعظ ، ومن قلبه زاجر ، فإذا أراد اللَّه فيه أمرا غيب معناه عنه ، وهم في الآخرة محجوبون عن الرحمة ، والنظر إلى اللَّه عزّ وجلّ ، وعن نظره إليهم بالرضا والرضوان عند مناقشته إياهم ، كما قال : وقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ [ الصافات : 24 ] عن الدنيا فتلزمهم الحجة فيدخلهم النار ، ثم يفتح للمؤمنين مناظر إليهم فينظرون إليهم وهم يحرقون بالنار ، ويعذبون بألوان عذابها ، فتقر أعينهم فيضحكون منهم ، كما ضحكوا في الدنيا من المؤمنين ، ثم تسد المناظر ، وتطبق عليهم ، فعند ذلك بمحو اللَّه أسماءهم ، ويخرج ذكرهم من قلوب المؤمنين ويقول : هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ [ 36 ] وفيها دلالة بينة على إثبات الرؤية للمؤمنين خاصة .
[ سورة المطففين ( 83 ) : آية 18 ]
[ سورة المطففين ( 83 ) : آية 18 ] كَلَّا إِنَّ كِتابَ الأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ ( 18 ) قوله تعالى : كَلَّا إِنَّ كِتابَ الأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ [ 18 ] قال : الكتاب ظاهره في الآيتين جميعا أعمال الخير والشر ، وباطنه أرواح المؤمنين وأرواح الكافرين ، تجمع أرواح المؤمنين عند سدرة المنتهى ، في حواصل طير خضر ترتع في الجنة إلى يوم القيامة ، مرقوم بالرضا والرضوان ، وتجمع أرواح الكفار في سجّين تحت الأرض السفلى ، تحت خد إبليس لعنه اللَّه ، مرقوم بالعداوة والبغضاء . واللَّه سبحانه وتعالى أعلم .
( 1 ) سنن البيهقي الكبرى 2 / 291 ( رقم 3401 ) ومصنف ابن أبي شيبة 1 / 259 ( رقم 2979 ) وشعب الإيمان 3 / 147 ( 3150 ) . ( 2 ) الحلية 10 / 199 .