[ سورة القلم ( 68 ) : آية 1 ] بِسْمِ اللَّه الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ن والْقَلَمِ وما يَسْطُرُونَ ( 1 ) قوله تعالى : ن والْقَلَمِ وما يَسْطُرُونَ [ 1 ] قال : النون اسم من أسماء اللَّه تعالى ، إذا جمعت بين أوائل السور : « الر » و « حم » و « ن » فهو اسم الرحمن « 1 » . وقال ابن عباس رضي اللَّه عنهما : النون الدواة التي كتب الذكر منها ، والقلم الذي كتب به الذكر الحكيم . وما يَسْطُرُونَ [ 1 ] ما تكتبه الحفظة من أعمال بني آدم . وقال عمر بن واصل : وما يسطرون ، أي : وما تولى اللَّه لعباده من الكتابة التي فيها منافع الخلق ومصالح العباد والبلاد .
[ سورة القلم ( 68 ) : الآيات 3 الى 4 ]
[ سورة القلم ( 68 ) : الآيات 3 الى 4 ] وإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ ( 3 ) وإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ( 4 ) قوله تعالى : وإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ [ 3 ] قال : أي محدود مقطوع ومحسوب عليك . قوله تعالى : وإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ [ 4 ] قال : تأدبت بأدب القرآن ، فلم تتجاوز حدوده وهو قوله تعالى : إِنَّ اللَّه يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ والإِحْسانِ [ النحل : 90 ] . وقال : فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّه لِنْتَ لَهُمْ [ آل عمران : 159 ] ثم قال : إن الغضب والحدة من سكون العبد إلى قوته ، فإذا خرج من سكونه إلى قوته سكن الضعف في نفسه ، فتتولد منه الرحمة واللطف ، وهو التخلق بأخلاق الرب جل جلاله . وقد أوحى اللَّه تعالى إلى داود عليه السلام فقال : « تخلق بأخلاقي فإني أنا الصبور » « 2 » فمن أوتي الخلق الحسن فقد أوتي أعظم المقامات ، لأن ما دونه من المقامات ارتباط بالعامة ، والخلق الحسن ارتباط بالصفات والنعوت . وسئل سهل يوما عن الكرامات ، فقال : وما الكرامات ، إن الكرامات شيء ينقضي لوقته ، ولكن أكبر الكرامات أن تبدل خلقا مذموما من أخلاقك بخلق محمود .
[ سورة القلم ( 68 ) : آية 44 ]
[ سورة القلم ( 68 ) : آية 44 ] فَذَرْنِي ومَنْ يُكَذِّبُ بِهذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ ( 44 ) قوله تعالى : فَذَرْنِي ومَنْ يُكَذِّبُ بِهذَا الْحَدِيثِ [ 44 ] قال : يعني كله إلي ، فإني أكفيك أمره ، ولا تشغل به قلبك . قوله تعالى : سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ [ 44 ] قال : سنمدهم إطراقا إليهم ، مشتغلين به عما لنا عليهم من الواجبات ، فينسون شكرنا ، فنأخذهم من حيث لا يعلمون .
[ سورة القلم ( 68 ) : آية 49 ]
[ سورة القلم ( 68 ) : آية 49 ] لَوْ لا أَنْ تَدارَكَه نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّه لَنُبِذَ بِالْعَراءِ وهُوَ مَذْمُومٌ ( 49 ) قوله عزّ وجلّ : لَوْ لا أَنْ تَدارَكَه نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّه [ 49 ] قال : يعني لو لا ما حفظ اللَّه له ما سلف من عمله الصالح ، بما جرى به من اجتبائه في الأزل ، فاستنقذه به وتداركه . لَنُبِذَ بِالْعَراءِ وهُوَ مَذْمُومٌ [ 49 ] والعراء أرض القيامة ، إذ لا زرع فيها ، ولا نبت ، ولم يكن له ذنب سوى أنه شغل قلبه بتدبير ما لم يكن تدبيره إليه ، كما فعل آدم عليه السلام ، واللَّه سبحانه وتعالى أعلم .